معاني كلمات الذكر الحكيم في كل سره




فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

برامج نداء الايمان

ندا الايمان
الجامع لمؤلفات الشيخ الألباني / / /*الـذاكـر / /القرآن الكريم مع الترجمة / /القرآن الكريم مع التفسير / /القرآن الكريم مع التلاوة / / /الموسوعة الحديثية المصغرة/الموسوعة الفقهية الكبرى //برنامج الأسطوانة الوهمية /برنامج المنتخب فى تفسير القرآن الكريم //برنامج الموسوعة الفقهية الكويتية / /برنامج الموسوعة القرآنية المتخصصة / /برنامج حقائق الإسلام في مواجهة المشككين / /برنامج فتاوى دار الإفتاء في مائة عام ولجنة الفتوى بالأزهر / /برنامج مكتبة السنة / /برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية / /برنامج موسوعة شرح الحديث الشريف فتح البارى لشرح صحيح البخارى وشرح مسلم لعبد الباقى وشرح مالك للإمام اللكنوى / /خلفيات إسلامية رائعة / /مجموع فتاوى ابن تيمية / /مكتبة الإمام ابن الجوزي / /مكتبة الإمام ابن حجر العسقلاني / /مكتبة الإمام ابن حجر الهيتمي / /مكتبة الإمام ابن حزم الأندلسي / /مكتبة الإمام ابن رجب الحنبلي / /مكتبة الإمام ابن كثير / /مكتبة الإمام الذهبي / /مكتبة الإمام السيوطي / /مكتبة الإمام محمد بن علي الشوكاني / /مكتبة الشيخ تقي الدين الهلالي / /مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي / /مكتبة الشيخ حمود التويجري / /مكتبة الشيخ ربيع المدخلي / /مكتبة الشيخ صالح آل الشيخ / /مكتبة الشيخ صالح الفوزان / /مكتبة الشيخ عبد الرحمن السعدي / /مكتبة الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم / /مكتبة الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان / /مكتبة الشيخ عبد المحسن العباد / /مكتبة الشيخ عطية محمد سالم / /مكتبة الشيخ محمد أمان الجامي /مكتبة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي / /مكتبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / /مكتبة الشيخ مقبل الوادعي / /موسوعة أصول الفقه / /موسوعة التاريخ الإسلامي / /موسوعة الحديث النبوي الشريف / /موسوعة السيرة النبوية / /موسوعة المؤلفات العلمية لأئمة الدعوة النجدية / موسوعة توحيد رب العبيد / موسوعة رواة الحديث / موسوعة شروح الحديث / /موسوعة علوم الحديث / /موسوعة علوم القرآن / /موسوعة علوم اللغة / /موسوعة مؤلفات الإمام ابن القيم /موسوعة مؤلفات الإمام ابن تيمية /

الأربعاء، 10 نوفمبر 2021

جواز النسخ -النسخ من خصائص هذه الأمة-جواز النسخ عقلاً وشرعاً -شبهات منكري النسخ-الفرق بين النَّسْخِ والبَدَاءِ- اضطراب الأشاعرة في مسألة النسخ-



 ---------------- 
بيان جواز النسخ
قَالَ مَكِّيُّ بنُ أبِي طَالِبٍ القَيْسِيُّ (ت: 437هـ) : (باب بيان النص على جواز النسخ للقرآن
قال الله – جلَّ ذكره -: {يمحو الله ما يشاء ويثبت}.
قال ابن عباسٍ وغيره: معناه: يمحو ما يشاء من أحكام كتابه (فينسخه) ببدلٍ أو بغير بدل، ويثبت ما يشاء فلا يمحوه ولا ينسخه، [ثم قال]: {وعنده أم الكتاب}.
قال ابن عباس: معناه: عنده ما ينسخ ويبدّل من الآي والأحكام، وعنده ما لا ينسخ ولا يبدّل، كلٌّ في أم الكتاب وهو اللوح المحفوظ.
ومثل هذا المعنى (قال) قتادة وابن جريج وغيرهم في هذه الآية.
وقد قيل غير ذلك.
فهذا يدل على جواز النسخ بنص القرآن.
وقد استدل جماعةٌ على جواز النسخ في القرآن بقوله تعالى: {وما أرسلنا من قبلك من رسولٍ ولا نبي إلاّ إذا تمنّى ألقى الشيطان في أمنيّته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته}.
فبين أن الله ينسخ ما يلقي الشيطان في تلاوة النبي أو الرسول.
وهذا إنّما يدلّ على جواز النسخ فيما يزيد الشيطان في تلاوة النبي أو الرّسول من الباطل خاصةً، وليس يدل على جواز النّسخ فيما ينزله الله ويأمر به، فلا حجة فيه لمن استدل به على جواز نسخ ما هو من عند الله من الحق –وهذا النسخ من قولهم: نسخت الرّيح الآثار، إذا أزالتها فلم يبق لواحدٍ منهما أثر.
ويدلّ على جواز النسخ للقرآن أيضًا قوله تعالى: {وإذا بدّلنا آيةً مكان آيةٍ والله أعلم بما ينـزّل قالوا إنّما أنت مفترٍ}.
فهذا نصٌ ظاهر في (جواز) زوال حكم آيةٍ ووضع أخرى (موضعها).
وهذا النسخ من قولهم: نسخت الشمس الظل، إذا أزالته وحلت محله.
ويدل على جواز النسخ للقرآن أيضًا قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخيرٍ منها أو مثلها}.
فهذا نص ظاهر في جواز النّسخ للقرآن بالقرآن.
والمعنى على قراءة الجماعة: أن الله –جل ذكره- يخبر (عن) نفسه يقول: ما نرفع من حكم آيةٍ ونبقي تلاوتها أو ننسكها يا محمد فلا تحفظ تلاوتها نأت بخير منها لكم، أي نأت بآيةٍ أخرى هي (أصلح لكم وأسهل) في التعبّد، أو نأت بمثلها في العمل وأعظم في الأجر، فهذا قول صحيح معروف.
وقد قيل: إن معناها: ما نرفع من حكم آيةٍ وتلاوتها نأت بخير منها، أي أصلح لكم منها.
وفي هذه الآية (قراءات) بمعانٍ تقرب من (هذه المعاني) قد شرحناها في غير هذا الكتاب.
قال ابن زيد: إنساؤها: محوها وتركها.
ويدلّ على جواز النسخ أيضًا قوله تعالى: {لكلٍ جعلنا منكم شرعةً ومنهاجًا}، فمعلومٌ أن شريعة كل رسولٍ نسخت شريعةً من كان قبله.
ومن أبين ما يدلّ على جواز النسخ للشرائع: أن جميع الأنبياء لم
يكونوا أنبياء في أوّل أمرهم، ثم كانوا أنبياء، وأن ذرية آدم تناسلوا من الأخ مع أخته شريعةً أباحها الله تعالى له ثم نسخ ذلك فحرّمه.
وهذا ردٌّ على من أنكر النسخ للشرائع من اليهود وغيرهم، وهم مقرون أن الشحوم وكل ذي ظفرٍ كان حلالاً، ثم نسخ تحليل ذلك فحرّم عليهم في أشباهٍ لذلك كثيرة.
فأما قوله تعالى: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك}: فهذا إنما يراد به إذهاب ما لا يجوز نسخه من الأخبار وغيرها. وما لا يجوز نسخه لو شاء الله لأذهب حفظه كله من القلوب بغير عوض.
ومنه ما روي مما رفع من سورة الأحزاب وغيرها.
وهو من قولهم: نسخت الريح الآثار، أي أزالتها، فلا الريح بقيت ولا الآثار بقيت ) . [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: 60-64] قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (الباب الثّاني: باب إثبات أنّ في القرآن منسوخًا
انعقد إجماع العلماء على هذا إلا أنّه قد شذّ من لا يلتفت إليه فحكى أبو جعفرٍ النّحّاس أنّ قومًا قالوا: ليس في القرآن ناسخٌ ولا منسوخٌ. وهؤلاء قومٌ لا يقرّون، لأنّهم خالفوا نصّ الكتاب، وإجماع الأمّة قال الله عز وجل: {ما ننسخ من آيةٍ أو ننسها}.
وأخبرنا المبارك بن عليٍّ قال أخبرنا أحمد بن قريشٍ، قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكيّ، قال: أخبرنا أبو بكرٍ محمّد بن إسماعيل بن العبّاس
الورّاق، قال: بنا: عبد اللّه بن أبي داود، وقال: حدّثنا محمّد بن عامر بن إبراهيم عن أبيه، عن نشهل بن سعيدٍ عن الضّحّاك عن ابن عبّاسٍ رضي اللّه عنهما في قوله تعالى: {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} قال:
في النّاسخ والمنسوخ قال ابن أبي داود: وحدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدّثنا أبو صالحٍ، قال: حدّثني معاوية بن صالحٍ عن عليّ بن أبي طلحة عن ابن عبّاسٍ رضي الله عنهما: {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} يقول: (يبدّل اللّه ما يشاء من القرآن فينسخه ويثبت ما يشاء فلا يبدّله، وما يبدّل وما يثبت كلّ ذلك في كتاب).
قال ابن أبي داود: وحدّثنا يونس بن حبيبٍ، قال: حدّثنا أبو داود، وقال: حدّثنا همّامٌ، عن قتادة عن عكرمة في قوله: {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} قال: (ينسخ الآية بالآية فترفع، وعنده أمّ الكتاب، أصل الكتاب)
قال: وحدّثنا عليّ بن حربٍ، ومصعب بن محمّدٍ ويعقوب بن سفيان، قالوا: حدّثنا عبيد اللّه بن موسى عن موسى بن عبيدة عن محمّد ابن كعب في قوله عز وجل: {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} قال: (نزلت في النّاسخ والمنسوخ).
قال: وحدّثنا محمّد بن الحسن قال: حدّثنا كثير بن يحيى، قال: حدثنا أبي، قالت: بنا يونس بن عبيدٍ، وهشام بن حسّانٍ جميعًا، عن محمّد بن سيرين {يمحوا اللّه ما يشاء ويثبت} يرفعه، ويثبت ما يشاء فيدعه مقرًّا له.
قال: وحدثنا موسى بن هارون، قال حدثنا الحسين قال: بنا شيبان عن قتادة: ({منه آياتٌ محكماتٌ} قال: المحكمات النّاسخ الّذي يعمل به).
قال: وحدّثنا محمّد بن معمر: قال: بنا روحٌ، قال: حدّثنا الحسن بن علي ابن عفّان عن عامر بن الفرات عن أسباط عن السدي: ({يمحو اللّه ما يشاء ويثبت} ما يشاء من المنسوخ ويثبت من النّاسخ).
قال: وحدّثنا... {منه آياتٌ محكماتٌ} قال:... لم تنسخ). ورواه سفيان عن سلمة عن الضحاك، قال: (المحكمات الناسخ).
- أخبرنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا إسحاق بن أحمد الكاذيّ قال: حدّثنا عبد اللّه بن أحمد بن حنبلٍ، رضي الله عنه قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا وكيعٌ عن سلمة بن نبيطٍ عن الصّحابة قال: (المتشابه ما قد نسخ، والمحكمات ما لم ينسخ).
وقال عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: "أبيٌّ أعلمنا بالمنسوخ"). [نواسخ القرآن:84- 90] 
---------------------- 
هل النسخ من خصائص هذه الأمة؟
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الثانية: النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه، وأنكره اليهود ظنا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له وهو باطل؛ لأنه بيان مدة الحكم كالإحياء بعد الإماتة وعكسه والمرض بعد الصحة وعكسه والفقر بعد الغنى وعكسه وذلك لا يكون بداء فكذا الأمر والنهي ). [الإتقان في علوم القرآن: 4/1436]
--------------------------- 
أقوال طوائف اليهود في النسخ
قال أبو عبدِ الله محمَّدُ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:320هـ): (فصل: أنكر اليهود النسخ وقالوا إنه يؤذن بالغلط والبراء وهم قد غلطوا لأن النسخ رفع عبادة قد علم الآمر أن بها خيرا ثم إنَّ للتكليف بها غاية ينتهي إليها ثم يرفع الإيجاب والبراء هو الانتقال عن المأمور به بأمر حادث لا يعلم سابق). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم:8]
قال أبو الفرَجِ عبدُ الرحمنِ بنُ عليٍّ ابنُ الجوزيِّ (ت:597هـ): (الباب الأول: باب بيان جواز النّسخ والفرق بينه وبين البداء
اتّفق جمهور علماء الأمم على جواز النّسخ عقلا وشرعًا وانقسم اليهود في ذلك ثلاثة أقسامٍ:
فالقسم الأوّل: قالوا: لا يجوز عقلا ولا شرعًا، وزعموا أنّ النسخ هو عين البداء.
والقسم الثّاني: قالوا: يجوز عقلا وإنّما منع الشّرع من ذلك زعموا أنّ موسى عليه السّلام قال إنّ شريعته لا تنسخ من بعده، وإنّ ذلك في التّوراة.
ومن هؤلاء من قال: لا يجوز النّسخ إلا في موضعٍ واحدٍ، وهو أنّه يجوز نسخ عبادةٍ أمر اللّه بها بما هو أثقل على سبيل العقوبة لا غير.
والقسم الثّالث: قالوا: يجوز شرعًا لا عقلا، واختلف هؤلاء في عيسى ومحمّدٍ صلّى اللّه عليهما، فمنهم من قال: لم يكونا نبيين لأنهما
لم يأتيا بمعجزةٍ، وإنّما أتيا بما هو من جنس الشّعوذة.
ومنهم من قال: كانا نبيّين صادقين، غير أنّهما لم يبعثا بنسخ شريعة موسى ولا بعثا إلى بني إسرائيل إنّما بعثا إلى العرب والأميين). [نواسخ القرآن:78]
----------------------------------- 
بيان جواز النسخ عقلاً وشرعاً
الدليل على جواز النسخ عقلاً
قال أبو عبدِ الله محمَّدُ بنُ حَزْمٍ الأَنْدَلُسِيُّ (ت:320هـ): (ولا يمنع جواز النسخ عقلا لوجهين:
أحدهما: لأن للآمر أن يأمر بما شاء
وثانيهما : أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بإذعان الانقياد لطاعة الأمر وقد وقع النسخ شرعا لأنه ثبت أن من دين آدم عليه السلام في طائفة من أولاده جواز نكاح الأخوات وذوات المحارم والعمل في يوم السبت ثم نسخ ذلك في شريعة الإسلام). [الناسخ والمنسوخ لابن حزم:8]
قال أبو الفرَجِ عبدُ الرحمنِ بنُ عليٍّ ابنُ الجوزيِّ (ت:597هـ): (فصلٌ: وأمّا الدّليل على جواز النّسخ عقلا، فهو أنّ التّكليف لا يخلو أن يكون موقوفًا على مشيئة المكلّف أو على مصلحة المكلّف، فإن كان الأوّل؛ فلا يمتنع أن يريد تكليف العباد عبادةً في مدّةٍ معلومةٍ ثمّ يرفعها ويأمر بغيرها.
وإن كان الثّاني فجائزٌ أن تكون المصلحة للعباد في فعل عبادة زمانٍ دون زمانٍ، ويوضّح هذا أنّه قد جاز في العقل تكليف عبادةٍ متناهيةٍ كصوم يومٍ، وهذا تكليفٌ انقضى بانقضاء زمانٍ، ثمّ قد ثبت أنّ اللّه تعالى ينقل من الفقر إلى الغنى، ومن الصّحّة إلى السّقم، ثمّ قد رتّب الحرّ والبرد، واللّيل والنّهار، وهو أعلم بالمصالح وله الحكم). [نواسخ القرآن:78]
الدليل على جواز النسخ شرعاً
قال أبو الفرَجِ عبدُ الرحمنِ بنُ عليٍّ ابنُ الجوزيِّ (ت:597هـ): (فصلٌ: والدّليل على جواز النّسخ شرعاً، أنه قد ثبت أنّ من دين آدم عليه السّلام وطائفةٍ من أولاده، جواز نكاح الأخوات وذوات المحارم، والعمل في يوم السّبت، ثمّ نسخ ذلك في شريعة موسى، وكذلك
الشّحوم كانت مباحةً، ثمّ حرّمت في دين موسى، فإن ادّعوا أنّ هذا ليس بنسخٍ فقد خالفوا في اللّفظ دون المعنى). [نواسخ القرآن:79]
---------------------------- 
كشف شبهات منكري النسخ
قال أبو الفرَجِ عبدُ الرحمنِ بنُ عليٍّ ابنُ الجوزيِّ (ت:597هـ): (فصلٌ: وأمّا قول من قال: لا يجوز النّسخ إلا على وجه العقوبة فليس بشيءٍ، لأنّه إذا أجاز النّسخ في الجملة جاز أن يكون للرّفق بالمكلّف، كما جاز للتّشديد عليه.
فصلٌ: وأمّا دعوى من ادّعى أنّ موسى عليه السّلام أخبر أنّ شريعته لا تنسخ فمحالٌ.
ويقال: إنّ ابن الرّاونديّ علمّهم أن يقولوا: إنّ موسى قال: (لا نبيّ بعدي).
ويدلّ على ما قلنا: أنّه لو صحّ قولهم لما ظهرت المعجزات على يد عيسى عليه السّلام، لأنّ اللّه تعالى لا يصدّق بالمعجزة مَن كذَّبه موسى؛ فإن أنكروا معجزة عيسى لزمهم ذلك في معجزة موسى، فإن اعترفوا ببعض معجزاته، لزمهم تكذيب من نقل عن موسى عليه السّلام أنّه قال: (لا نبيّ بعدي)
وممّا يدلّ على كذبهم فيما ادّعوا أنّ اليهود ما كانوا يحتجّون على نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم بكلّ شيءٍ.
وكان نبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم مصدّقًا لموسى عليه السّلام، وحكم عليهم بالرّجم عملا بما في شريعة موسى صلّى اللّه عليه وسلّم؛ فهلا احتجّوا عليه بذلك، ولو احتجّوا لشاع نقل ذلك، فدلّ على أنّه قولٌ ابتدع بعد نبيّنا محمّدٍ صلّى اللّه عليه وسلّم.
فصلٌ: وأمّا قول من قال: إن عيسى ومحمداً عليهما السّلام كانا نبيّين لكنّهما لم يبعثا إلى بني إسرائيل فتغفيلٌ من قائله، لأنّه إذا أقرّ بنبوّة نبيٍّ فقد أقرّ بصدقه، لأنّ النّبيّ لا يكذب، وقد كان عيسى عليه السّلام يخاطب بني إسرائيل، ونبيّنا صلّى اللّه عليه وسلّم يقول: ((بعثت إلى النّاس كافّةً)) ويكاتب ملوك الأعاجم). [نواسخ القرآن:79-80]
------------------------------ 
الفرق بين النَّسْخِ والبَدَاءِ
قالَ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدِ بنِ إِسْمَاعِيلَ النَّحَّاسُ (ت: 338 هـ): (باب الفرق بين النّسخ والبداء
الفرق بين النّسخ والبداء أنّ النّسخ تحويل العباد من شيءٍ قد كان حلالًا فيحرّم أو كان حرامًا فيحلّل أو كان مطلقًا فيحظر أو كان محظورًا فيطلق أو كان مباحًا فيمنع أو ممنوعًا فيباح إرادة الصّلاح للعباد.
وقد علم اللّه جلّ وعزّ العاقبة في ذلك وعلم وقت الأمر به أنّه سينسخه إلى ذلك الوقت فكان المطلق على الحقيقة غير المحظور فالصّلاة كانت إلى بيت المقدس إلى وقتٍ بعينه ثمّ حظرت فصيّرت إلى الكعبة وكذا قوله جلّ وعزّ {إذا ناجيتم الرّسول فقدّموا بين يدي نجواكم صدقةً} [المجادلة: 12] قد علم اللّه جلّ وعزّ أنّه إلى وقتٍ بعينه ثمّ نسخه في ذلك الوقت، وكذا تحريم السّبت كان في وقتٍ بعينه على قومٍ ثمّ نسخ وأمر قومٌ آخرون بإباحة العمل فيه، وكان الأوّل المنسوخ حكمةً وصوابًا ثمّ نسخ وأزيل بحكمةٍ وصوابٍ كما تزال الحياة بالموت وكما تنقل الأشياء فلذلك لم يقع النّسخ في الأخبار لما فيها من الصّدق والكذب؟
وأمّا البداء فهو ترك ما عُزم عليه كقولك: امض إلى فلانٍ اليوم ثمّ تقول: لا تمض إليه فيبدو لك عن القول الأوّل، وهذا يلحق البشر لنقصانهم وكذا إن قلت: ازرع كذا في هذه السّنة ثمّ قلت: لا تفعل، فهذا البداء فإن قلت: يا فلان ازرع فقد علم أنّك تريد مرّةً واحدةً، وكذا النّسخ إذا أمر اللّه جلّ وعزّ بشيءٍ في وقت نبيٍّ أو في وقتٍ يتوقّع فيه نبيٌّ فقد علم أنّه حكمةٌ وصوابٌ إلى أن ينسخ وقد نقل من الجماعة من لا يجوز عليهم الغلط نسخ شرائع الأنبياء من لدن آدم صلّى الله عليه وسلّم إلى وقت نبيّنا صلّى الله عليه وسلّم وهم الّذين نقلوا علامات الأنبياء وقد غلط جماعةٌ في الفرق بين النّسخ والبداء كما غلطوا في تأويل أحاديث حملوها على النّسخ أو على غير معناها). [الناسخ والمنسوخ للنحاس: 441- 445]
قال مَكِّيُّ بنُ أبي طالبٍ القَيْسِيُّ (ت:437هـ) : (باب جامع القول في مقدمات الناسخ والمنسوخ
من ذلك أن تعلم ما الفرق بين النسخ والبداء، فتجيز النسخ في كتاب الله ولا تجيز فيه البداء.
فالنسخ: هو ما قدمنا ذكره من إزالة حكم ببدل أو بغير بدل مع تقدم العلم من الله –جل ذكره- بفرضه للناسخ ورفعه لحكم المنسوخ كل واحدٍ منهما في وقته الذي علمه وقدره قبل أمره بالأول بلا أمد.
وقد قيل: إن النسخ إنما هو تبيين انقضاء مدة التعبّد الأول وابتداء التعبد الثاني مع علم الله –جل ذكره- لذلك كله قبل كل شيء، وهو معنى ما ذكرنا أولاً.
فأما البداء: فهو ظهور رأيٍ محدث لم يظهر قبل. وهذا شيءٌ يلحق
البشر لجهلهم بعواقب الأمور وعلم الغيوب، والله يتعالى عن ذلك علوا كبيرًا؛ لأنه يعلم عواقب الأمور ولا يغيب عنه شيء من علم الغيوب، فمحالٌ أن يبدو له رأيٌ لم يكن يبدو له قبل ذلك. هذا من صفات المخلوقين المربوبين). [الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه:112]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (فصلٌ: فأمّا الفرق بين النّسخ والبداء، فذلك من وجهين:
أحدهما: أنّ النّسخ (تغيير) عبادةٍ أمر بها المكلّف، وقد علم الآمر حين الأمر أنّ (لتكليف) المكلّف بها غايةً ينتهي الإيجاب (إليها) ثمّ يرتفع بنسخها. والبداء (أن ينتقل الأمر عن ما أمر به) وأراده دائمًا بأمر حادثٍ لا بعلمٍ سابقٍ.
والثّاني: أنّ (سبب) النّسخ لا يوجب إفساد الموجب لصحّة الخطاب الأوّل، والبداء يكون (سببه) دالًّا على إفساد الموجب، لصحّة الأمر الأوّل، مثل أن يأمره بعملٍ يقصد به مطلوباً فيتبين أن المطلوب لا يحصل بذلك الفعل (فيبدو) له ما يوجب الرّجوع عنه، وكلا الأمرين يدلّ على قصور في العلم والحق عز وجل منزه عن ذلك) . [نواسخ القرآن: 80-83]
قَالَ أبو الفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَلِيٍّ ابْنُ الجَوْزِيِّ (ت: 597هـ): (أنكرت اليهود جواز النسخ وقالوا هو البداء.
والفرق بينهما أن النسخ رفع عبادة قد علم الأمر بها من القرآن للتكليف بها غاية ينتهي إليها ثم يرتفع الإيجاب والبداء هو الانتقال عن المأمور به بأمر حادث لا بعلم سابق ولا يمتنع جواز النسخ عقلا لوجهين أحدهما أن للآمر أن يأمر بما شاء والثاني أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بالإذعان والانقياد لطاعة الآمر وقد وقع النسخ شرعا لأنه قد ثبت من دين آدم عليه السّلام وطائفةٍ من أولاده جواز نكاح الأخوات وذوات المحارم والعمل في يوم السّبت ثمّ نسخ ذلك في شريعة موسى عليه السلام). [المصَفَّى بأكُفِّ أهلِ الرسوخ:12]
قالَ مُحَمَّدُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ بَهَادرَ الزَّرْكَشِيُّ (ت:794هـ): (وقيل: لا يقع النسخ في قرآن يتلى وينزل والنسخ مما خص الله به هذه الأمة في حكم من التيسير ويفر هؤلاء من القول بأن الله ينسخ شيئا بعد نزوله والعمل به وهذا مذهب اليهود في الأصل ظنا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له وهو باطل؛ لأنه بيان مدة الحكم ألا ترى الإحياء بعد الإماتة وعكسه والمرض بعد الصحة وعكسه والفقر بعد الغنى وعكسه وذلك لا يكون بداء فكذا الأمر والنهي.
وقيل: إن الله تعالى نسخ القرآن من اللوح المحفوظ الذي هو أم الكتاب فأنزله على نبيه والنسخ لا يكون إلا من أصل.
والصحيح جواز النسخ ووقوعه سمعا وعقلا ).[البرهان في علوم القرآن:30-44]
قالَ جلالُ الدينِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ أبي بكرِ السيوطيُّ (ت: 911هـ): (الثانية: النسخ مما خص الله به هذه الأمة لحكم منها التيسير وقد أجمع المسلمون على جوازه، وأنكره اليهود ظنا منهم أنه بداء كالذي يرى الرأي ثم يبدو له وهو باطل؛ لأنه بيان مدة الحكم كالإحياء بعد الإماتة وعكسه، والمرض بعد الصحة وعكسه، والفقر بعد الغنى وعكسه، وذلك لا يكون بداء؛ فكذا الأمر والنهي ). [الإتقان في علوم القرآن: 4/1436]
----------------------------- 
اضطراب الأشاعرة في مسألة النسخ
قالَ عَلَمُ الدِّينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ السَّخَاوِيُّ (ت:643هـ): (وقولنا: ناسخ ومنسوخ أمر يختص بالتلاوة. وأما المتلو فلا يجوز ذلك فيه، وكذلك المجاز: أمر يختص بالتلاوة.
وكلام الله عز وجل قديم، لم يزل موجودا، وكان قبل إيجاد الخلق غير مكتوب ولا مقروء، ثم بالإنزال كان مقروءا ومكتوبا ومسموعا، ولم ينتقل بذلك من حال إلى حال. كما أن الباري عز وجل قبل خلق العباد لم يكن معبودا وإنما عبد بعد إيجاد 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موقف اهل التأويل وقانوني الحق والميزان

    بسم الله الرحمن الرحيم خلاصة قانون الحق = أن الله خلق السماوات والارض وما فيهم وما بينهم وما لأجلهم بقدر قام في وقت محدد وزمن مع...