معاني كلمات الذكر الحكيم في كل سره




فهرس معاني الكلمات001 الفاتحة ►002 البقرة ►003 آل عمران ►004 النساء ►005 المائدة ►006 الأنعام ►007 الأعراف ►008 الأنفال ►009 التوبة ►010 يونس ►011 هود ►012 يوسف ►013 الرعد ►014 إبراهيم ►015 الحجر ►016 النحل ►017 الإسراء ►018 الكهف ►019 مريم ►020 طه ►021 الأنبياء ►022 الحج ►023 المؤمنون ►024 النور ►025 الفرقان ►026 الشعراء ►027 النمل ►028 القصص ►029 العنكبوت ►030 الروم ►031 لقمان ►032 السجدة ►033 الأحزاب ►034 سبأ ►035 فاطر ►036 يس ►037 الصافات ►038 ص ►039 الزمر ►040 غافر ►041 فصلت ►042 الشورى ►043 الزخرف ►044 الدخان ►045 الجاثية ►046 الأحقاف ►047 محمد ►048 الفتح ►049 الحجرات ►050 ق ►051 الذاريات ►052 الطور ►053 النجم ►054 القمر ►055 الرحمن ►056 الواقعة ►057 الحديد ►058 المجادلة ►059 الحشر ►060 الممتحنة ►061 الصف ►062 الجمعة ►063 المنافقون ►064 التغابن ►065 الطلاق ►066 التحريم ►067 الملك ►068 القلم ►069 الحاقة ►070 المعارج ►071 نوح ►072 الجن ►073 المزمل ►074 المدثر ►075 القيامة ►076 الإنسان ►077 المرسلات ►078 النبأ ►079 النازعات ►080 عبس ►081 التكوير ►082 الإنفطار ►083 المطففين ►084 الانشقاق ►085 البروج ►086 الطارق ►087 الأعلى ►088 الغاشية ►089 الفجر ►090 البلد ►091 الشمس ►092 الليل ►093 الضحى ►094 الشرح ►095 التين ►096 العلق ►097 القدر ►098 البينة ►099 الزلزلة ►100 العاديات ►101 القارعة ►102 التكاثر ►103 العصر ►104 الهمزة ►105 الفيل ►106 قريش ►107 الماعون ►108 الكوثر ►109 الكافرون ►110 النصر ►111 المسد ►112 الإخلاص ►113 الفلق ►114 الناس ►

برامج نداء الايمان

ندا الايمان
الجامع لمؤلفات الشيخ الألباني / / /*الـذاكـر / /القرآن الكريم مع الترجمة / /القرآن الكريم مع التفسير / /القرآن الكريم مع التلاوة / / /الموسوعة الحديثية المصغرة/الموسوعة الفقهية الكبرى //برنامج الأسطوانة الوهمية /برنامج المنتخب فى تفسير القرآن الكريم //برنامج الموسوعة الفقهية الكويتية / /برنامج الموسوعة القرآنية المتخصصة / /برنامج حقائق الإسلام في مواجهة المشككين / /برنامج فتاوى دار الإفتاء في مائة عام ولجنة الفتوى بالأزهر / /برنامج مكتبة السنة / /برنامج موسوعة المفاهيم الإسلامية / /برنامج موسوعة شرح الحديث الشريف فتح البارى لشرح صحيح البخارى وشرح مسلم لعبد الباقى وشرح مالك للإمام اللكنوى / /خلفيات إسلامية رائعة / /مجموع فتاوى ابن تيمية / /مكتبة الإمام ابن الجوزي / /مكتبة الإمام ابن حجر العسقلاني / /مكتبة الإمام ابن حجر الهيتمي / /مكتبة الإمام ابن حزم الأندلسي / /مكتبة الإمام ابن رجب الحنبلي / /مكتبة الإمام ابن كثير / /مكتبة الإمام الذهبي / /مكتبة الإمام السيوطي / /مكتبة الإمام محمد بن علي الشوكاني / /مكتبة الشيخ تقي الدين الهلالي / /مكتبة الشيخ حافظ بن أحمد حكمي / /مكتبة الشيخ حمود التويجري / /مكتبة الشيخ ربيع المدخلي / /مكتبة الشيخ صالح آل الشيخ / /مكتبة الشيخ صالح الفوزان / /مكتبة الشيخ عبد الرحمن السعدي / /مكتبة الشيخ عبد السلام بن برجس آل عبد الكريم / /مكتبة الشيخ عبد العزيز بن محمد السلمان / /مكتبة الشيخ عبد المحسن العباد / /مكتبة الشيخ عطية محمد سالم / /مكتبة الشيخ محمد أمان الجامي /مكتبة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي / /مكتبة الشيخ محمد بن صالح العثيمين / /مكتبة الشيخ مقبل الوادعي / /موسوعة أصول الفقه / /موسوعة التاريخ الإسلامي / /موسوعة الحديث النبوي الشريف / /موسوعة السيرة النبوية / /موسوعة المؤلفات العلمية لأئمة الدعوة النجدية / موسوعة توحيد رب العبيد / موسوعة رواة الحديث / موسوعة شروح الحديث / /موسوعة علوم الحديث / /موسوعة علوم القرآن / /موسوعة علوم اللغة / /موسوعة مؤلفات الإمام ابن القيم /موسوعة مؤلفات الإمام ابن تيمية /

الخميس، 11 نوفمبر 2021

قراءة في كتاب نيكسون : انتهزوا الفرصة ! د. صلاح الدين النكدلي

قراءة في كتاب نيكسون :
انتهزوا الفرصة !
د. صلاح الدين النكدلي

كتاب الرائد -12-
الطبعة الأولى : صفر 1414 ﻫ - آب / أغسطس 1993م
الطبعة الشبكية الأولى
جمادى الآخرة / 1430ﻫ
حزيران / يونيو 2009م
نسخة مزيدة ومنقحة
الناشر : الدار الإسلامية للإعلام
© Islamischer Info. Dienst Verlag
العنوان
I.I.D e.V.
P.O.Box: 100810
D-52008 Aachen
Germany
Tel: + 49 241-538373
Fax: + 49 241-538887
Email: iid@iid-alraid.com
Website: www.iid-alraid.com
1. Auflage, 06.2009
N
الفصل الأول
تمهيد
5
الفصل الثاني
العالم الحقيقي
11
الفصل الثالث
22
العالم الإسلامي (1)
22
العالم الإسلامي (2)
29
العالم الإسلامي (3)
34
العالم الإسلامي (4)
41
خاتمة
46  
) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ % وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ % وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآَوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (
[الأنفال: 24-26]
الفصل الأول
تمهيــــد
يعد ريتشارد نيكسون واحداً من العقول المنظرة التي قامت بدور بارز في الحياة السياسية العالمية ، وخاصة حين كان رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية . صحيح أنه استقال من منصبه في أعقاب فضيحة (ووترجيت) .. ولكنه بقي متحركاً بفكره وآرائه وتوجيهاته في الحقل السياسي .. ومن ذلك نشره لمجموعة من الكتب التي حملت كثيراً من رؤاه واقتراحاته .. وآخرها وأكثرها إثارة وخطورة كتاب Zeize the Moment الذي ألفه في أعقاب انهيار الكتلة الشيوعية وبداية تصدع الاتحاد السوفييتي ، وبعد أزمة الخليج .
حدد نيكسون في (الباب الأول) نظرته إلى المجتمع البشري ، وإلى دور أمريكا في الحاضر والمستقبل .. وبرز من خلال هذا الفصل أن نيكسون يرفض فكرة تخفيض القوة الأمريكية ، لأن المستقبل حافل بالمفاجآت ، ولأن العالم لا يعرف الاستقرار على حالة واحدة .. لذلك يدعو بحماس كبير إلى فرض هيمنة أمريكا الفكرية والاقتصادية وغيرهما ، من خلال القوة العسكرية التي يجب أن تبقى نامية متطورة ومتفوقة كماً ونوعا .
ولقد عرضت بشيء من التفصيل إلى أفكار هذا الفصل ، لأنه يشكل (المبررات) الفكرية لما يطرحه المؤلف في ثنايا فصول الكتاب .
ويتحدث في باب (العالم الإسلاميّ) عن التيارات الفكرية والقومية التي تتحرك في هذا العالم ؛ الذي يحتل منطقة ممتازة من حيث الثروات ومن حيث التراث ، ويحمل بذور حضارة عظيمة قادرة على صناعة مستقبل فاعل كما فعلت في قرون القوة والانتشار .. ويدعو نيكسون صناع السياسة الأمريكية إلى الهدوء والتفكير العميق عندما يتعاملون مع العالم الإسلاميّ ، وينصح أصحاب القرار بضرورة دعم التيار التحديثي-التجديدي الذي يواجه تيار الأصولية الإسلاميّة المتنامي والمعادي للغرب .
ويقدم اقتراحات تقوم على تكوين محاور أساسية يتم دعمها لتكون منارات تتوجه إليها الأنظار .. ويسمي لهذه المهمة أربع دول : مصر وتركيا وباكستان وإندونيسيا .. وينذر بشر مستطير إذا استمرت حالة الفقر والحرمان مدة أطول في العالم الإسلامي الفتي .. لأن هذه الحالة ستعطي (الأصوليين الإسلاميّين) و(الراديكاليين القوميين) فرصاً ذهبية لتجنيد الناس ضد الغرب وقيم الغرب .. وفي ثنايا الباب يهوِّن من شأن اجتماع العالم الإسلاميّ تحت راية واحدة ويرى ذلك مستحيلا .
ونظراً لأهمية هذا الفصل ، وخطورته بالنسبة لنا معشر المسلمين ، فقد أفردته بقراءة تفصيلية إلى حدٍ كبير ، رغبة في تحذير قومي من (عقلية) تسيطر على التفكير والتقرير في مؤسسات تنعكس اختياراتها علينا .. ويجب أن نقابل هجمتها بما يناسبها من الفكر والتخطيط والعمل الإيجابي البصير .
وفي الباب الثالث ، وعنوانه (إمبراطورية الشرّ السابقة) يتحدث عن مرحلة احتضار (الرجل المريض الجديد) ، الاتحاد السوفييتي ، ويقارنه بالرجل المريض في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين (الإمبراطورية العثمانية) . وهذا الباب يحتوي على آراء نيكسون المتعلقة بالتعامل مع القطب الشيوعي ، وقد تجاوزت حوادث الأيام موضوعه الذي ينصب على التحذير من دعم (جورباتشوف) ، لأن دعم مثل هذا الرجل كفيل بإخراج مركز دولة الشر من أزمته ، وحين يشعر مركز الشيوعية بالانتعاش والقوة .. فإنه سينقلب على أمريكا وشركائها الغربيين .
وفي الباب الرابع دعا إلى (الموطن المشترك عبر الأطلسي) مظهراً التوقعات التي ستصاحب انهيار الإمبراطورية السوفييتية ، ويشير في هذا الفصل إلى عدد من القضايا التي ينبغي أن تهتم بها الإدارة الأمريكية ، وخاصة :
1- الفراغ الأمني في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق ، ويذكر نيكسون أن هناك عوامل تزيد من تفاقم المشكلة الأمنية مثل : (التقسيمات العرقية .. والفوضى الاقتصادية).
2- مستقبل حلف شمالي الأطلسي ودور أمريكا في أوروبا ، وخاصة : رغبة بعض الحلفاء الغربيين في تقليص الوجود العسكري الأمريكي .
3- دور أوروبا الموحدة على المسرح الدولي .
4- الهيمنة الألمانية على مستقبل القرار في أوروبا بشقيها ، والتعاون الألماني الروسي التقليدي المرتقب .
ثم ينصح نيكسون بتوفير خمسة أعمدة لبناء موطن عبر الأطلسي :
1- ضمان حلف شمال الأطلسي لأمن أوروبا الشرقية : وذلك عن طريق دمج دول أوروبا الشرقية بصورة ما في حلف شمالي الأطلسي ، ودعم مؤتمر الأمن والتعاون الأوروبي ، وتبني الدفاع عن الديمقراطية في دول أوروبا الشرقية .
2- اعتماد مذهب الفعالية الأمريكية في أوروبا الشرقية : وذلك بأن (يكون لعلاقات الولايات المتحدة الجديدة مع أوروبا الشرقية نفس الاهتمام المتعلق بروابطها التقليدية مع أوروبا الغربية) ، وخاصة دعم الاقتصاد المنهار عن طريق الاستثمارات ، وفتح الأسواق أمام صادرات دول أوروبا الشرقية ، ونحو ذلك .
3- المشاركة الأمريكية الألمانية الوثيقة : نظراً للدور المرتقب للعملاق الألماني الذي أخذ بالتحرك معتمداً على اقتصاد قوي وتكنولوجيا متطورة وإدارة جيدة .. فالارتباط بألمانيا والتعاون معها في وضعها الحالي ، يعود بفوائد جمّة على الطرفين وعلى أوروبا ، وخاصة في المجال الاقتصادي وفي مجال نقل وتصدير التكنولوجيا .
4- سياسة الباب المفتوح في مواجهة جمهوريات الاتحاد السوفييتي : إذ يجب فتح أبواب التعاون مع الدول الملتزمة ﺑ (سياسة السوق الحرة وبالقيم الديمقراطية) لئلا تحصل نكسات بسبب خيبات الأمل بعد التحول عن الاشتراكية .
5- إعادة تشكيل حلف شمالي الأطلسي من أجل مهام جديدة : تتفق مع المتغيرات الجارية ، وتسد الطريق على المنادين بتقليص الدور الأمريكي في أوروبا بعد انتهاء الحرب الباردة .
أما الباب الخامس فعنوانه : (المثلث الباسيفيكي) وفيه يدندن نيكسون حول مستقبل أمريكا عالمياً وفي آسيا ؛ مؤكداً على أن هذا المستقبل رهن إلى حدٍّ كبير ﺑ (طريقة إدارة الولايات المتحدة الأمريكية لعلاقاتها مع دول المثلث الباسيفيكي ، وهي : اليابان والصين والاتحاد السوفييتي) ، لأن كثيراً من المراقبين يرون أن العالم سيدخل قريباً في مرحلة (القرن الباسيفيكي) ويدعم هؤلاء وجهة نظرهم بالتطور الاقتصادي الصاعد لدول (الحافة الباسيفيكية) أي : دول شرق آسيا ، التي لم تستفد حتى الآن بالقدر الكافي والمناسب من القفزات الاقتصادية ، بسبب الصدامات بين عدد من دول المنطقة ، ونظراً للمشاكل الداخلية التي تعصف بمعظم دول الحافة الباسيفيكية .
ويدعو نيكسون إلى تطوير علاقات منفردة ، مع كل ركن من أركان الباسيفيكي ، لأن اليابان قوة وزنها الاقتصادي ثقيل ، ووزنها العسكري والسياسي خفيف ، وهذا الوضع الشاذ لا يمكن أن يستمر ، ولربما تفكر جدياً -يوماً ما- بالتأثير المباشر على المسرح الدولي ، ولديها قدرة على تحقيق ذلك . والصين قوة اقتصادية عظمى محتملة ، وهي الآن إحدى الرؤوس السياسية الرئيسية ، وتقف الآن على مفترق طرق ، فإما أن تتخلى عن ماضيها الشيوعي ، وإما أن تسير في درب (الديكتاتورية) . أما الاتحاد السوفييتي السابق فإنه قوة اقتصادية في طريقها إلى الهبوط ، ولكن وزنها العسكري كبير .. وقد يتمكن من التغلغل إلى رأس مال وتكنولوجيا المنطقة .
هذه الأوضاع غير المستقرة لقوى المثلث الباسيفيكي المتناقضة والفاعلة في منطقة حيّة حيويّة منتجة .. تفرض على أمريكا جهوداً جبارة من أجل الحفاظ على سيطرة مناسبة .
وفي الباب السادس (نصف الكرة الأرضية الجنوبي) يركز نيكسون على ضرورة اهتمام أمريكا بدول الجنوب الفقيرة ، التي وقعت في حبائل التخلف نتيجة لسيطرة مسؤولين فاسدين ، وانتهاج سياسات اقتصادية مشوبة بسوء الإدارة ، والأخذ بسياسات للتطوير يساء توجيهها ، والصراعات المكلفة ..
ويرى نيكسون أن الفرق بين الشمال والجنوب آخذ بالاتساع .. ولذلك يجب أن تهتم أمريكا بالوضع المأساوي في دول الجنوب .. ويحذر من تجاهل الدول الفقيرة قائلاً : (وإذا ما تجاهلنا هؤلاء الذين هم أقل حظاً منا ، فإننا في هذه الحالة لا نتقاعس فقط عن النهوض بمسؤوليتنا الأخلاقية ، ولكننا نعرض مصالحنا الاقتصادية والاستراتيجية للخطر) !!
ويشير نيكسون إلى الأوضاع المتردية في نصف الكرة الجنوبي الذي يتمتع بثروات هائلة ونمو سكاني كبير .. وبما أن أبناء هذه المنطقة سيسعون إلى النهوض ببلادهم وتحسين أوضاعهم المعيشية .. فإنه من الخير لأمريكا أن تساعدهم على ذلك عن طريق دعم الديمقراطية والاستثمارات الهادفة . ويقترح أن تسير الاستراتيجية الأمريكية في اتجاه :
1- مساعدة التحكم في النسل .
2- تقليل الحواجز التجارية أمام صادرات العالم المتخلف .
3- تحسين فعالية المساعدة الاقتصادية .
4- تسهيل التخفيف من عبء الديون .
ويأتي الباب الأخير بعنوان (تجديد أمريكا) وفيه يؤكد نيكسون على جوانب العظمة والقوة الأمريكية ، ويزعم أن أمريكا هي القوة العظمى الوحيدة التي دخلت التاريخ وقامت بدور فعال على المسرح العالمي بقوة أفكارها !! ويدعو إلى الاستمرار في بناء جوانب القوة المختلفة لكي تستمر أمريكا في أداء دورها التاريخي .. لأن المستقبل قد يأتي بالمفاجآت .
ويعترف نيكسون أن هناك أمراضاً تنال من القوة الأمريكية ، إذا لم يلتفت إليها في الوقت المناسب ، ومن ذلك :
1- إعادة النظر في نظم وغايات ووسائل التعليم .. لأن هذا الحقل الهام يسير باتجاه منحدر حلزوني نحو الأمية العلمية والتكنولوجية .
2- التمسك بوعي بقيم الحرية واحترام الكائن الفرد ..
3- مواجهة المشاكل الداخلية بقدرة وإرادة ، مثل : الجريمة ، والمخدرات ، والاتكالية ، والعنصرية .. وذلك بالتركيز على القيم والسلوك .
ويعود في نهاية الكتاب ليؤكد على أن المشاكل الداخلية الأمريكية لا تمنع من القيام بدور ريادي في العالم ، ولكنها تؤثر في فعاليته ، لأن أمريكا اليوم ما تزال كما كانت حين وصفها تشرشل عام 1947م : (إنّ الولايات المتحدة تقف في هذا الوقت في أوج وبرج القوة العالمية ، إنها لحظة مهمة ومهيبة للديمقراطية الأمريكية ، وبجانب تسيُّدها في القوة ، فإنها تملك قدرة إلهام هائلة من أجل المستقبل) .
ويقول نيكسون بعدها : (إننا نمسك بالمستقبل في أيدينا .. يجب علينا أن ننتهز الفرصة ليس من أجلنا فقط ، ولكن من أجل الآخرين ، وإذا أصبح العالم أفضل بالنسبة للآخرين سيكون حينذاك عالماً أفضل بالنسبة إلينا ، وعندما نشارك في قضية أبعد من أنفسنا عندها نكون صادقين تماماً مع أنفسنا) .
! ! ! ! !
هذا ، وأود في ختام هذا التمهيد أن ألفت الأنظار إلى أربعة أمور :
الأول : اعتمدت في هذه الدراسة على الترجمة التي قام بها السيد حاتم غانم ، ونشرها بعنوان رئيسي (انتهزوا .. الفرصة!) ، وهذه الدراسة تشمل عرضاً لما ورد في فصلين من الكتاب هما : (العالم الحقيقي) و(العالم الإسلاميّ) .
الثاني : التزمت بعرض مركز لما طرحه نيسكون من رؤى وأفكار ، مؤثراً أن أنقل نص كلامه ، وعليه فإن كل ما ورد خلال العرض بين قوسين (.....) إنما هو من كلام نيكسون .
الثالث : سجلت طائفة من العبر والملاحظات تحت عنوان (نتائج في سطور) رغبة مني في التنبيه إلى عدد من المعاني التي ينبغي أن تكون حاضرة في ساحة تفكير المسلم واهتمامه .. وأشير هنا إلى أن في كلام نيكسون أفكاراً وعبراً لم أتعرض إليها .. وما أظنها تفوت على القراء الكرام .
الرابع : نشرت مجلة (الرائد) أصل هذه الدراسة على حلقات ، واستجابة لرغبة عدد من القراء .. فقد رأينا إعادة النظر فيما نشر وطبعه في هذا الكتاب .
وأسأل الله تعالى أن يسهم هذا الجهد في تجنيب أمتنا كيد المستكبرين والمستغلين ، وأن يحفظها من ابن جاهل أو عاق يوفر بجهله وعقوقه شروط إضعاف مناعة الأمة ، ويجعلها فريسة لجراثيم أعداء الله وأعداء الإنسان .
! ! ! ! !
الفصل الثاني
العالـم الحقيقـي
§ بدأ نيكسون الفصل الأول (العالم الحقيقي) من كتابه بذكر ما قاله الزعيم الصيني (ماوتسي تونج) في قصيدة له ينصح فيها أتباعه بالجد والعمل في عالم متغير : (هناك أعمال كثيرة يجب أن تنجح دائماً فوراً وبصورة ملحة ، العالم مستمر والوقت يمر ، استثمروا اليوم اغتنموا الساعة) ، ويبني نيكسون على كلام ماوتسي تونج دعوته الأمريكيين إلى اليقظة والعمل فيقول : (واليوم ونحن نحتفل بهزيمة واندحار الشيوعية في شرق أوروبا والاتحاد السوفييتي ، وهزيمة العدوان في الخليج الفارسي ، هناك أعمال كثيرة يتوجب إتمامها في الخارج وفي الداخل ، ويجب علينا أن ننتهز الفرصة لنحقق الانتصار من أجل السلام والحرية في العالم ) !! .
§ ثم يذكر نيكسون أن خمسة عقود من المواجهة بين القوتين العظميين قد انتهت ، وأن أمريكا تنفرد بالزعامة باعتبارها دولة عظمى وحيدة ، (لن يكون عنها غنى أو بديل طيلة العقود المقبلة) ، إلا أنه يؤكد على حقيقة أن العالم في حركة مستمرة وأن إمكانية التحول من المد إلى الجزر قائمة ، وينبغي على الأمريكيين أن يأخذوا حذرهم ، ويدلل على ذلك بما شهده العالم وعاشه من آمال مجنحة خلال عام 1989م (فقد انهارت الشيوعية في شرق أوروبا ، وسقط جدار برلين ، وتبنى الرئيس السوفييتي ميخائيل جورباتشوف إصلاحات سياسية مهمة ، وتزايد التعاون بين القوى العظمى ، وتناقص النـزاع الإقليمي في العالم الثالث ..) وسرى شعور عميق في أنحاء الأرض مفاده (إننا نشهد بداية نظام عالمي جديد من السلام والحرية) . ولكن هذه الآمال الكبيرة .. قد عصفت بها مفاجآت عام 1990م ، ففي هذا العام (جابهت الديمقراطيات الجديدة في أوروبا الشرقية آلام وأوجاع الإصلاح ، وأمسك الرجعيون الشيوعيون في الاتحاد السوفييتي الريح والموج القادم ، وكبح جورباتشوف جماح الإصلاح وأوقفه ، وغزا الرئيس العراقي صدام حسين الكويت ونهبها .. وتحول الحلم بعالم أكثر سلاماً إلى مجرد سراب) ، ثم جاءت سنة 1991 بالبشرى ، وأشرق الأمل من جديد عبر حادثين عظيمين :
- الانتصار الحاسم للولايات المتحدة وحلفائها على العراق في شباط-فبراير 1991م .
- وانتصار قوى الحرية في الاتحاد السوفييتي ، بدون حرب ، على قوى الشيوعية في 24 آب-أغسطس 1991م .
§ ويستنتج نيكسون من الحوادث التي وقعت في ثلاثة أعوام (1989-1991م) ما عبر عنه بقوله : (ففي عالم تتنافس فيه الدول ، وتتشابك المصالح ، وتتضارب النـزاعات الوطنية ، ولا مفر منها ، فإن الاستخدام الماهر للقوة الأمريكية يمثل الأمل الأفضل لتعزيز الحرية والحفاظ على السلام ، وإذا ما تعلمنا الدروس الصحيحة من التطورات الدراماتيكية خلال السنوات الثلاث الماضية عندها سننجح في تأمين مصالحنا وتعزيز قيمنا) .
§ ويتابع نيكسون في شرح فكرته الداعية إلى الاحتفاظ بالقوة الأمريكية متفوقة تحسباً من بروز قوة شريرة ، فهو يرى (أن السبب الرئيسي للنـزاع الدولي -في العقود الماضية- كان العدوان الشيوعي ، فقد بدأت الحرب الباردة قبل أن تنتهي الحرب العالمية الثانية) . ثم يسوق أمثلة على رغبة الشيوعيين السوفييت في العدوان والتوسع ، مثل :
- ضم كل من : ليتوانيا ، ولاتفيا ، وأستونيا ، إلى ممتلكات الاتحاد السوفييتي عام 1939م .
- فرض حكومات شيوعية في أوروبا الشرقية .
- ضم أربع جزر يابانية عام 1945م .
- المساهمة في إقامة نظام شيوعي في كوريا الشمالية عام 1948م ، ودعم هجوم كوريا الشمالية على كوريا الجنوبية عام 1950م .
- التحريض على قيام ثورة ماوتسي تونج الشيوعية عام 1949م .
- البدء بسباق التسلح في الشرق الأوسط بمبيعات إلى مصر 1955م .
- سحق حركة الإصلاح التشيكوسلوفاكية في (ربيع براغ) عام 1968م .
- غزو أفغانستان سنة 1979م .
ويؤكد نيكسون أن موسكو كانت تقود وتحرك حملة عدوانية مباشرة أو غير مباشرة على الرغم من رفع شعارات مضللة مثل (التعايش السلمي) و(الانفراج الدولي) .
§ وبعد إشارته إلى عدد من الأمثلة على عدوانية النظام الشيوعي خلال خمسة عقود ، يعرج إلى الحديث عن التغييرات الجذرية التي وقعت في دنيا العالم الشيوعي على اختلاف مدارسه ، وقد بلغ التغيير درجة يقول عنها نيكسون : (وأينما نظرنا كنا نجد أن أحداثاً تقلب حقائق قائمة ومسلماً بها) ، وبعد أن يسوق أمثلة على عمق التغييرات التي حصلت في الكتلة الشيوعية ،وفي آسيا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا .. فإن نيكسون يبرز فكرة يعتمد عليها بعد ذلك في تأصيل نظرته إلى الدور الأمريكي في عالم متقلب فيقول : ( والتحولات الثورية قد تغير صورة العالم ، وكيف يبدو ، لكنها نادراً ما تغير الطريقة التي يعمل بها العالم . والتغيير التاريخي الأخير لم يأت من خلال موجات المدّ ، ولكن عبر المد الزاحف الذي يمكن مقاومته ) .
! ! ! ! !
§ كل ما سبق ذكره كان توطئة قدم بها نيكسون بين يدي مناقشة ثلاثة آراء تتحرك في ساحة أصحاب الرأي الأمريكيين ، وتدور حول مستقبل السياسة الأمريكية على المسرح الدولي في ضوء التغييرات العالمية الأخيرة :
الرأي الأول : يقول أصحابه : باندحار الشيوعية وانتصار الليبرالية فقد دفنت فكرة أن التاريخ عبارة عن الصراع بين الأيديولوجيات المتناقضة ، ويرى أصحاب هذا الرأي أن (المعارك حول الأسواق ، وليس الأفكار ، ستصبح المحور والديناميكية المركزية للتاريخ) ، وهذا يعني : إنّ على أمريكا (أن تعلن الانتصار ، وتعود إلى البيت) .
ويرى نيكسون أن هذه النظرة (خادعة وجميلة المظهر فقط) ، ويذكر في تعليل رأيه أموراً ، مثل :
§ (إنّ تضاؤل الحرب الباردة لا يعني نهاية النـزاعات الدولية . فالصراعات القديمة التي تعود إلى كراهيات قبلية وعرقية ووطنية ودينية ما تزال تشعل عشرات من الحروب الأهلية والإقليمية) .
§ إنّ (الماركسية لا تزال حية وموجودة في كثير من الجامعات الأمريكية ، والأيديولوجيات الراديكالية مثل : القومية العربية ، والأصولية الإسلاميّة ، تلقى رواجاً وإقبالاً هائلاً في الشرق الأوسط) .
§ (قبل مائتي عام تكهن (إيمانويل كانت) بسلام دائم وشيك كنتيجة لانتشار الديمقراطية في العالم ، لكن شيوعية لينين ، وفاشية موسوليني ، ونازية هتلر كانت مفاجآت بلبلت نبوءته) .
الرأي الثاني : يقول : (بعد هزيمة السوفييت في أفغانستان) و(الثورة المخملية في أوروبا الشرقية) ﻓ (إنّ القوة العسكرية لم تعد تخدم كأداة أساسية في سياسة الدولة ، أو تمثل صخرة الأساس في السياسة الخارجية) ، ثم يذكر نيكسون الحجج التي يذكرها المنتمون إلى هذا الرأي ، وأبرزها :
§ (إنّ تكاليف شن حرب سواء من حيث المصادر والرأي العالمي أصبح أمراً محظوراً) .
§ بانتهاء الحرب الباردة (فإن أهمية القوة الاقتصادية قد فاقت القوة العسكرية وسياسة العوامل البشرية الاقتصادية والجغرافية التقليدية)
يرفض نيكسون هذا الرأي ، ويعلل رفضه بطائفة من الحجج ، أهمها :
§ صحيح (أن الاعتماد الاقتصادي المتبادل يقيد من حرية عمل كل دولة) إلاّ أنه لا يلغي إمكانية الأخذ بالقوة العسكرية .
§ إنّ التاريخ القريب خير شاهد على استعمال القوة على الرغم من التبادل الاقتصادي : فالحربان العالميتان قد وقعتا بين دول تبادلت التجارة فيما بينها .
§ ويضيف نيكسون وهو يدلل على ضرورة الاحتفاظ بالقوة العسكرية القادرة على التأثير : (ورغم حاجة ألمانيا واليابان الماسة إلى نفط الخليج من أجل البقاء الاقتصادي ، فقد كانتا عاجزتين أثناء أزمة الخليج ، واعتمدتا تماماً على الولايات المتحدة وحلفائنا في حرب الخليج الفارسي من أجل حماية مصالحهما) .
وفي نهاية رده على القائلين بأن الاقتصاد هو سلاح المستقبل يؤكد نيكسون :
إنّ القوة الاقتصادية لا يمكن إنكارها، ولكن الأمن القومي لا يتحقق من خلالها، فالقوة الاقتصادية تسهم فقط بصورة غير مباشرة في أمن الدولة.
الرأي الثالث : يقول أصحابه : (إنّ صورة الولايات المتحدة ، كقوة عظمى ، آخذة في الانحطاط والأفول) ويحمل هذا الرأي مثقفون جامعيون باحثون (أكاديميون) ، وحجة هؤلاء: (أن كل القوى الكبرى عبرت ومرت بفترات من التوسع والاستقرار ثم الانحطاط) . ويضربون مثلاً على ذلك إسبانيا وبريطانيا العظمى وغيرهما ، و(يدعون أنهم اكتشفوا أدلة الأعراض بأن الولايات المتحدة تسير على نفس طريق الانحطاط والأفول المحتم) ، ويذكرون ، في جملة الأدلة ، (ضعف الميزانية الداخلية) و(عجز التجارة الخارجية) .
ويرفض نيكسون بحدة فكرة (أفول أمريكا) ويركز في رده على أمور :
§ (إنّ النفوذ الدولي لا يعتمد فقط على الاقتصاد ، ولكن أيضاً على أشياء غير ملموسة مثل : القيادة ، والمهارة السياسية ، والقابلية الأيديولوجية والثقافية ، والوحدة الداخلية ، والإرادة ، وحتى الحظ الأعمى) !!
§ (إنّ الولايات المتحدة تحتفظ بموقف مسيطر في الاقتصاد العالمي) و(ما يضرب المثال بشأنه حول هبوط حصة أمريكا من الاقتصاد العالمي -من 50 بالمائة عام 1950م إلى 25 بالمائة سنة 1990م- يقلب الحقيقة ، ومثال مضلل) ويعلل ذلك بأن أوروبا واليابان والاتحاد السوفييتي كانوا يعانون من خراب ، وكان لا بد أن ينهضوا . فارتفاع نسبة المشاركة الأمريكية بعد الحرب كان مؤقتاً .
وبعد أن يسخر من الذين يرون أن أمريكا في طريقها إلى الأفول يؤكد نيكسون جازماً أن أمريكا تملك ما يفتقر إليه الآخرون -كالألمان واليابانيين- وخاصة (غياب أي تطلعات أو مخططات إمبريالية نحو دول أخرى) ويختم رده قائلاً : (وإذا ما انحدر وضعها -أمريكا- ومكانتها ، كالدولة العظمى الوحيدة ، فإن هذا سينتج عن الاختيار وليس الضرورة)
! ! !
وبعد أن يرد نيكسون على الآراء الثلاثة التي سبق ذكرها يعود فيؤكد على حقيقة أن العالم لا يعرف الاستقرار ، وأن على أمريكا أن تلعب دورها القيادي الذي تسنّمته في أعقاب انهيار الاتحاد السوفييتي ، وبعد انتصارها في الخليج .. وهو يؤكد هذه المعاني من جديد لأنه يريد أن يناقش مجموعتين أمريكيتين تحمل كل منهما موقفاً خاصاً :
المجموعة الأولى : يسميهم نيكسون (أنصار العزلة السياسية) ، فالانعزاليون يرون : إنّ على أمريكا أن تترك دور الشرطي الدولي ، لأن هذا سيكلفها غالياً ، وعليها أن توفر المصادر والأموال لحل المشاكل الداخلية ، كالفقر والمخدرات والإيدز ، ويرى بعضهم أن أخطاء أمريكا الداخلية تفقدها الحق في قيادة العالم الخارجي .
ويرد نيكسون بعنف على أصحاب هذا الاتجاه ، ويدلل على وجوب بقاء القوة الأمريكية قاهرة غالبة عالمياً بأمور ، أهمها :
- إنّ أمن أمريكا غير منفصل عن الأمن العالمي .. فالعالم متداخل .
- إنّ التاريخ قد ينجب دولاً تطمح إلى السيطرة الإقليمية والعالمية .
- إنّ الصواريخ العابرة للقارات تجعل المحيطات عديمة الجدوى في صدّ العدوان .
- إنّ الواردات والصادرات تشكل 20 بالمائة من الاقتصاد الأمريكي ، فالاستقرار الدولي جزء لا يتجزأ من ازدهارنا .
- إنّ قيمنا المستقاة من تقاليدنا الدينية تطالبنا بالفضيلة الخاصة والعامة ، وهذا يلزمنا بالعمل على تصحيح كل خطأ ، وبالسعي إلى تعزيز الحرية والعدالة في المناطق التي تتلاقى فيها مصالحنا ومثلنا !!
المجموعة الثانية : هم (المثاليون الدوليون) ، يقول هؤلاء : (إنّ الولايات المتحدة تتمتع بفرصة فريدة لخلق نظام عالمي جديد) ويصر بعضهم على وجوب (شن حرب صليبية "كذا" لتعزيز الديمقراطية في العالم) !! ، ويرون (أن فرض الديمقراطية على العراق من خلال القوة العسكرية كان سيمثل خطوة مبدئية حيوية) . و(يرى آخرون أن دور الأمم المتحدة كان مفتاح النصر في حرب الخليج) ولذلك يدعون إلى (جعل الأمن الجماعي والقانون الدولي محور السياسة الأمريكية الخارجية) وهذا يحقق عالماً أمثل !! .
ويبدأ نيكسون رده على هذه المجموعة بقوله : (إنّ هذه الأهداف والآمال النبيلة غير واقعية) ، ويدلل على رأيه بأمور ، أبرزها :
§ إنّ الذين يدعون إلى حرب ديمقراطية عالمية يتجاهلون حدود قوتنا ، فنحن لا نملك ما يكفي من القوة لإعادة صنع العالم على هوانا وكما نتصوره .
§ لا يمكن تطبيق الديمقراطية بين عشية وضحاها في دول آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية .. فهناك ثقافات وتقاليد ترفضها .. وعلينا أن ندرك أن ما يناسبنا وينفعنا قد لا ينفع ، ولا يناسب الآخرين .
§ يستحيل أن تقوم الأمم المتحدة بدور أساسي في حفظ الأمن الجماعي ، فقد تصور (ويلسون) أن (عصبة الأمم) ستجعل الحرب العالمية الأولى (الحرب التي تنهي كل الحروب) ، ومع ذلك فإنه خلال عقدين اشتعلت أكثر الحروب دموية في تاريخ العالم (الحرب العالمية الثانية) . ثم إنّ الأمم المتحدة تبنت عشرات القرارات التي تدين العدوان ، ولكنها لم تستطع فعل شيء إلاّ مرتين : (الحرب الكورية) و(حرب الخليج) ، وما كانتا لتحصلان لولا توفر شروط معينة استثنائية .
§ إنّ الأمم المتحدة قد تنفع في ردع المعتدين الصغار ، وستكون عاجزة إذا وقع الخلاف بين القوى الكبرى .
§ في حرب الخليج استخدم الرئيس بوش الأمم المتحدة أكثر من كونه استُخدم من قبل الأمم المتحدة .
وفي أعقاب هذا الحوار يعود نيكسون إلى إبراز فكرة أن جميع الدول تعمل لتحقيق مصالحها ، وأنها حين تعترضها عقبة تسعى إلى حلها بالقوة ، وهذا الذي ينبغي أن يدركه الأمريكيون لكي يحافظوا على قوتهم العالمية .. غير متجاهلين ما أسماه بالحقائق (الجيوبوليتيكية) . فالأمريكيون يستطيعون أن يكونوا أقوياء أخلاقيين إذا تمسكوا بعناد ﺑ (المثالية العملية والواقعية المتنورة) ، ولتحقيق ذلك يرى نيكسون أن المهمة الأولى للاستراتيجية الأمريكية (هي التمييز بين المصالح الحيوية ، والمصالح الحرجة ، والمصالح الخارجية) ، وهذا يعني (وضع مجموعة من الأولويات الواضحة) .
m بعد ذلك البيان يعود نيكسون ليتحدث عن (وسائل مواجهة التحديات) . فيذكر مثلاً : (إنّ للولايات المتحدة مصلحة مؤكدة وعميقة في بقاء الدول الديمقراطية ، واتساع الازدهار الاقتصادي) وعليه فإذا ما (تهددت دول ديمقراطية مثل إسرائيل أو كوريا الجنوبية ، فإننا يجب أن نكون مستعدين لاستخدام القوة العسكرية إذا دعت الضرورة) ، فإذا لم تدع ضرورة فإن (الدبلوماسية ، والمساعدات الأجنبية ، والعقوبات ، والتفاوض يجب أن تكون الأدوات الرئيسية لتحقيق قيمنا الأقل أهمية) .
ويخلص نيكسون بعد هذا العرض المسهب لحقيقة العالم كما يراها ، ولتداخل المصالح ، ليؤكد على الدور القيادي لأمريكا فيقول :
(إنّ عالماً من الفرص موجود اليوم من أجل إسهام إيجابي رئيسي تقوم به الولايات المتحدة ، وحتى نستفيد من هذه الفرص ليس المطلوب مصادر ضخمة ، ولكن أفكاراً خلاقة وقيادة يعول عليها) .
ويضرب نيكسون أمثلة على الفرص المتاحة ويختم الفصل الأول بقوله :
(إنّ ساعة الحقيقة بالنسبة لنا قد دنت ، ويجب علينا انتهاز الفرصة) .
! ! ! ! !
نتائج في سـطور
بعد عرضنا الشامل لأفكار الفصل الأول (العالم الحقيقي) ، فإنه يطيب لنا أن نسجل عدداً من النتائج التي أوحى بها هذا الفصل الخطير ، آملين أن تكون دروساً يعيها دعاة الإسلام بعمق عملي :
أولاً : لا تستطيع أمة من الأمم في عصرنا أن تعيش بمعزل عن بقية العالم ، وإذا أرادت أمة أن تكون كريمة حرة مرهوبة الجانب .. فإن عليها أن تعد نفسها لمواجهة جميع احتمالات المتغيرات الدولية .. والإعداد يشمل كل ضروب القوة اللازمة للأمة .. وإلى هذا أشار القرآن الكريم : ) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ... ( [التوبة : 60] .
والقوة سلاح ذو حدين : إذا ملكها الصالحون كانت قوة بانية رحيمة هادية ، وإذا صارت في أيدي المفسدين كانت هادمة مستغلة مضللة .. وهذا واقع القوة الغربية للأسف الشديد !! .
ثانياً : إنّ المجتمع البشري لا يعرف (السكون) ، وحركته الدائمة تنقله باستمرار من حال إلى حال .. ولا شك في أن الجماعات البشرية القادرة على توفير شروط الاجتهاد العملي المستمر .. ستكون هي الأقدر على اغتنام الفرص التي تتيحها المنعطفات التاريخية الداخلية والخارجية . إنّ المتأمل في (البيروسترويكا) التي نادى بها جورباتشوف ، قبل تفكك الإمبراطورية الروسية ، يدرك أن لبّ دعوته كان (السعي إلى توفير روح الاجتهاد ، والبعد عن الجمود في عالم متغير) ولكن محاولته جاءت متأخرة ! .
ثالثاً : إنّ الذين يبنون الأمم ، ويصنعون التاريخ هم أولئك الذين يحافظون على حيوية المسير نحو أهدافهم ، ويأخذون بأيدي الذين تعبوا من متابعة التطورات ، وكرهوا تكاليف المسؤولية .. لأن أولئك البناة يدركون حقيقة مفادها :
إنّي رأيتُ وقوفَ الماءِ يُفسدهُ
إنْ سال طاب وإنْ لم يجرِ لم يطِبِ
ولقد كان نيكسون يدندن حول هذه الحقيقة في حواره مع التوجهات الداعية إلى أن تكفّ أمريكا عن ممارسة الدور العالمي .. علماً بأن نيكسون يريد توظيف هذه الحقيقة لخدمة تطلعات تسلطية استغلالية بشعة !!
رابعاً : إنّ الجماعات والأمم التي تكون قادرة على السير خطوة نحو الأفضل والأمثل .. ولا تخطوها بسبب الهمود والكسل .. أو نظراً لوقوعها فريسة نظرات تفسد النظر وتبطل العمل .. ستدفع ثمناً باهظاً بسبب تقاعسها وجهلها وغفلتها .. فالغفلة في الجماعات قاتلة ، كما قال محمد إقبال :
لحظةً يا صاحبي إن تغفلِ
ألفُ ميل زاد بُعْدُ المنـزلِ
والنوم عن طلب المعالي مورث للضعف والذل .
ولم أرَ في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام
خامساً : يرى نيكسون أن (عدوانية الشيوعيين) كانت السبب في التطوير الهائل للسلاح الأمريكي .. فلولا الروح الشيوعية العدوانية التي كانت تملك أسلحة فتاكة .. لوفرت أمريكا ثرواتها لبناء الداخل .. فالقوة لا بد منها لقمع المعتدين .. إلاّ أن نيكسون يتجاهل (عدوانية أمريكا ومعها دول أوروبا الغربية الاستعمارية) !! . وأن هذه الروح العدوانية هي المسؤولة عن آلام كثير من شعوب الأرض .. وينسى نيكسون في غمرة الاعتزاز بالقوة الأمريكية أن الشعوب المظلومة ستبحث -رغم كل المعوقات- عن (القوة) التي تعيد إليها حريتها ، وحقوقها ، وإرادتها .. وليت شعري هل هناك أكثر عدوانية من الذين زرعوا اليهود في فلسطين .. وزودوهم بكل دعم مادي وسياسي وعسكري لفرض هيمنتهم على قلب العالم الإسلاميّ ؟! . بل ذهب نيكسون إلى القول بوجوب الدفاع المباشر عن (إسرائيل) إذا تعرضت للخطر .. لأنها دولة (ديمقراطية) !! .
سادساً : إنّ الرغبة الجامحة في ابتزاز الشعوب والهيمنة على مقدرات الأمم تسيطر في أروقة الساسة الأمريكيين .. الذين يرون في اضطراب العالم اليوم فرصة نادرة لدفع الشعوب باسم (الديمقراطية) و(السلام) إلى مزيد من الارتباط بالمواقف ، والمثل ، والمصالح الأمريكية .. إنّ هذه الرغبة الآثمة ستكون مسؤولة في قابل الأيام عن كثير من آلام الصراعات والمواجهات مع قوة التسلط الأمريكي على كل صعيد !! .
سابعاً : يقر نيكسون بأن العالم مستمر في حركته .. وأن حركته تأتي بالمتغيرات .. وأن تراكم التغيرات يفرض أوضاعاً جديدة .. ولكنه يرفض ويقاوم بعنف ما يقوله (أكاديميون) أمريكيون حول فكرة (أفول أمريكا) ، ولا يرى أن (المشكلة الاقتصادية) و(الأزمات الداخلية) ، من أسباب التعجيل بغروب الشمس الأمريكية .. لأن هناك عوامل أخرى تدخل في الحساب .. ونحن نرى أن وضع أمريكا الحالي لا ينذر بأفول سريع .. ولكنه آت بإذن الله .. لأن الوجود الأمريكي العالمي أسس على الظلم والعدوان والشعور بالفوقية .. وهذه تكفي -كما أسلفنا- لتوليد بؤر المقاومة التي نراها بادية حتى في الشعوب الأوروبية .. أما الداخل الأمريكي فإن رائحته المنتنة من الظلم ستفوح من خلال حركات شعبية مثل الذي حصل في (لوس أنجلوس) أواخر شهر نيسان-أبريل 1992م بسبب (التمييز العنصري) الذي ما يزال مسيطراً في أروقة المؤسسة القضائية !! التي كان يؤمل أن تكون أول المؤسسات تخلياً عن النظرة الفوقية والروح العدوانية !!
ثامناً : .. وأخيراً .. إنّ الأمريكيين بشر .. يتأثرون بالتطورات الإنسانية ، وفيهم من يرفض (الروح العدوانية) التي تمارسها السلطة السياسية في أنحاء الأرض . ولذلك فإن أصحاب العقلية الراغبة في السيطرة على الشعوب -مثل الرئيس الأسبق نيكسون- يتصدون بقوة للفئة التي ما تزال فيها بقية من فطرة طيبة .. محاولين عن طريق السحر ﺑ (التخويف من المستقبل) صرف أعين أولئك الطيبين عن الحقيقة حتى يروا (الظلم والعدوان والاستعباد) (سلاماً وعدلاً وحرية) !! .
الفصل الثالث
العالـم الإسلامـي
(1)
العالم الإسلاميّ في نظر الأمريكيين :
§ استهل نيكسون الباب الذي تحدث فيه عن (العالم الإسلاميّ) برسم صورة هذا العالم كما يراها الأمريكيون ، فقال : (يميل كثير من الأمريكيين إلى وصف المسلمين بأنهم غير متحضرين ، لا يغتسلون ، بربريون ، همجيون ، وغير عقلاء : يجذبون اهتمامنا فقط لأن بعض قادتهم لديهم ثروة كبيرة تحكم منطقة تحوي ما يزيد على ثلثي احتياطي النفط ، وهم يتذكرون : الحروب الثلاثة التي شنتها الدول العربية في محاولة لإبادة إسرائيل ، واحتجاز الرهائن .. والهجوم الإرهابي أثناء الألعاب الأولمبية في ميونخ من قبل فدائيين فلسطينيين .. وتفجير طائرات ركاب مدنية ..) .
ويختم الفقرة بعبارة معبرة عن حقيقة موقف الغربيين من المسلمين : (ولا توجد دولة ، ولا حتى الصين الشيوعية ، تحظى بصورة سلبية في الضمير الأمريكي كما هو الحال بالنسبة للعالم الإسلاميّ) !! .
! ! !
لا تخافوا العالم الإسلاميّ !
يذكر نيكسون أن بعض المراقبين يرفعون صوتهم محذرين من (أن العالم الإسلاميّ سيصبح قوة جيوبوليتيكية واحدة ومتعصبة) ويساعد على تكوين التحدي أمران (تزايد عدد سكانه ، والقوة المالية المهمة التي يتمتع بها) ، وتعتمد وجهة نظر هؤلاء المراقبين الذين يرون أن العالم الإسلاميّ عالم معادٍ ومعتدٍ على أصلين :
1- (إنّ الإسلام والغرب متناقضان ومتباينان)
2- (إنّ المسلمين ينظرون إلى العالم على أنه معسكران لا يمكن التوفيق بينهما ؛ دار الإسلام ، ودار الحرب) !!
ويتنبأ هؤلاء بأن قوى الأصولية الإسلاميّة المناهضة ستنظم منطقة واسعة ، وستشكل تحدياً حقيقياً للغرب .
§ ويرفض نيكسون ما يقوله هؤلاء المراقبون الخائفون من يقظة العالم الإسلاميّ ، ويقول بوضوح : (.. وهذا السيناريو الكابوس لن يتحقق أبداً) ويدلل على قوله بأمور :
- إنّ العالم الإسلاميّ كبير جداً .. ومتعاكس ومتناقض مصلحياً وقومياً وسياسيا .
- ينتمي المسلمون إلى ثلاث طوائف دينية رئيسية : (السنة) و(الشيعة) و(الصوفية) "كذا" ، إلى جانب عشرات من الطوائف الأصغر .
- اتساع رقعة المناطق التي يقطنها المسلمون .. وتزايد عددهم بسبب ارتفاع نسبة المواليد .
ثم يقول نيكسون : (هناك عنصران فقط في العالم الإسلاميّ : دين الإسلام ، ومشكلات الشغب السياسية) وبما أن (الإسلام ليس ديناً فقط وإنما هو أساس حضارة رئيسية) فإن الدول الإسلاميّة (تشترك في اتجاهات سياسية وثقافية مشتركة مع الحضارة الإسلاميّة ككل . ونفس الإيقاعات السياسية تعزف في دول العالم الإسلاميّ بغض النظر عن الاختلافات بين الدول) .
§ ويرى نيكسون أن الاتجاهات السياسية الرئيسية التي تتحرك اليوم تتمثل في (الأصولية) و(الراديكالية) و(التحديثية) ، وهذه تشبه الأحزاب الموجودة في الغرب ، فبعضها يتبنى (السوق الحرة) والآخر يبشر ﺑ (دولة الرفاه والاشتراكية) .
ويتابع نيكسون في التهوين من شأن العالم الإسلاميّ .. حاضراً ومستقبلا .. هذا العالم الذي جعلت منه الصراعات والتنافسات (مرجلاً للنـزاعات) ، ويورد نيكسون قائمة بأهم النـزاعات الساخنة بين الأقطار الإسلاميّة ، مثل : (المغرب ضد الجزائر .. ليبيا ضد تشاد .. السعودية ضد اليمن .. العراق ضد إيران .. الهند ضد باكستان وبنجلاديش ..) ، ويضع يده على أسباب الصراعات الداخلية قائلاً : (إنّ الكثير من الدول هي تآلفات اصطناعية من عدة دول أو مجموعات عرقية) ومعظمها (لبنان المستقبل ، تنتظر ما يمكن أن يحدث) ، ولا يفوت السياسي الأمريكي ، العارف ببواطن الأمور ، أن يذكر بأن الكثير من الحدود الوطنية القائمة اليوم في بلاد المسلمين إنما هي (من صنع القوى الاستعمارية الأوروبية) أو من صنع (الأنظمة السياسية الهشة ، ومعظمها ديكتاتوريات مستترة أو ملكيات تقليدية تعتمد على احتكارها للقوة بدلاً من تأييد شعوبها) !! .
§ ويضيف نيكسون سبباً آخر يراه مانعاً من وحدة المسلمين ومصدراً لأزمات داخلية ، وهذا السبب يتمثل في : (التيارات السكانية والاقتصادية والسياسية) التي (تجعل النـزاع المتزايد أمراً لا مفر منه) . فالنمو السكاني في العالم الإسلاميّ أكبر بكثير من النمو الاقتصادي ، وإذا أضيف إلى ذلك كون (المصادر الأساسية -مثل المياه- ستصبح أكثر ندرة) .. فإن النـزاعات بدافع حلّ الأزمات واقعة لا محالة .
ويذكر السياسي الأمريكي الخبير أن الصراعات الحالية المشتعلة في العالم الإسلاميّ قد جعلت منه (أكثر المناطق تسلحاً وعسكرة في العالم النامي) (ففي عام 1990م أنفقت دول العالم الإسلاميّ ما يزيد على 8% من دخلها القومي على التسلح ، بينما الرقم الغربي هو أقل من 5%) . ويؤكد نيكسون أن هناك دولاً إسلامية تعمل على تطوير أسلحة الدمار الشامل وهذا يهدر ميزانيتها .
ينتقل نيكسون بعد ذلك إلى الحديث عن (الإسلام) بأسلوب يثير الانتباه ، فبعد تأكيده على أن الإسلام -كدين- صمد في الاختبار أكثر من المسيحية ، وأنه كان وراء المعارضة القوية المانعة من انتشار الشيوعية في العالم الإسلاميّ ، يقول : (إنّ قلة من الأمريكيين تعلم الإرث الغني للعالم الإسلاميّ . إنهم يتذكرون أن سيف محمد وأتباعه أدخل الدين الإسلاميّ إلى آسيا ، وأفريقيا ، وحتى أوروبا ، وهم يتغاضون عن حقيقة أن الإسلام لا يشمل مبدأ إرهاب) . ويقول : (بينما ذبلت أوروبا في العصور الوسطى ، تمتعت الحضارة الإسلاميّة بعصرها الذهبي ، وقد أسهم الإسلام بمجهودات هائلة في مجال العلوم والطب ، والفلسفة . وفي كتابه "عصر الإيمان" لاحظ ويل ديورانت أن الإنجازات الهامة في كل الميادين قد تحققت على يد مسلمي هذه الفترة) . ويقول : (وعندما دفع الرجال العظام من عصر النهضة الأوروبية إلى الأمام حدود المعرفة ، فقد رأوا أكثر لأنهم وقفوا على أكتاف العمالقة من العالم الإسلاميّ) .
§ ويصل نيكسون من حديثه عن الإسلام وأثره إلى النتيجة الهامة الآتية : (إنّ تلك الإنجازات تمثل ما كان عليه العالم الإسلاميّ في الماضي ، كما أنها تشير إلى ما يمكن أن يكون عليه في المستقبل ، إذا أمكن وقف دوائر الحرب المميتة وعدم الاستقرار السياسي) .
§ ويضيف قائلاً : (إنّ العالم الإسلاميّ حضارة حيوية تبحث عن هويتها وشخصيتها التاريخية ، وفي الخمسينات والستينات أفلتت من براثن الاستعمار ، وعبرت الممرات الوعرة: الأيديولوجية العمياء لعدم الانحياز ، والقومية العربية ، والأصولية الرجعية "كذا" ، وفي التسعينات وما بعدها ، فإن هذه الدول ستجدد سعيها لتتبوأ مكانتها في العالم) . عند هذه النقطة يقف نيكسون ليقول : (والولايات المتحدة تحتاج إلى سياسة فعالة ونشطة للتأثير على ذلك التطوير بطريق بناءة) .
§ ويبين السياسي الأمريكي المحنك : (إنّ أكبر حجر عثرة أمام تطوير مثل هذه السياسات كان الميل نحو جمع هذه الدول في مرتبة وفئة واحدة) . ويدعو رجال السياسة الأمريكيين إلى إعادة النظر في تقدير العالم الإسلاميّ منطلقين من الحقيقة الآتية : (إنّ الدين الإسلاميّ يمثل خليطاً يمسك بسياسات هذه الدول مجتمعة ، لكنه لا ينسجها ويحيكها في إطار كتلة متناغمة) .
§ ولا ينكر نيكسون أن (بعضاً من التضامن السياسي موجود فعلاً بين الدول الإسلاميّة) ويضرب على ذلك أمثلة :
- (عندما غزا الاتحاد السوفييتي أفغانستان ، فإن علاقات موسكو مع الدول الإسلاميّة من المغرب وحتى إندونيسيا أصابها الفتور) .
- (إنّ الشعور بأن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بدون تحفظ أو حرج .. هو عائق رئيسي أمام علاقات أوثق مع كل الدول الإسلاميّة) . إلا أنه يرى هذا التضامن محدوداً ، لذلك يعود إلى تأكيد نظرته فيقول : (رغم أن الإسلام يزود هذه الدول بوجهة نظر عالمية مشتركة ، فإنه لم يأت بصيغة سياسية جاهزة) . ويعلل ذلك على النحو الآتي : (إنّ الإسلام ليس من حجر واحد سياسيا . إنّ كل دين عظيم خاضع لتفسيرات متعددة تؤيد تعاملات سياسية متعددة . وفي الغرب: باركت المسيحية ذات مرة الملكيات من خلال الاعتقاد بالحق المقدس للملوك ، والآن تقدم ركناً هاماً ورئيسياً للفكر الديمقراطي من خلال الاعتقاد بالكرامة الأساسية للفرد .. والإسلام أيضاً قابل لتفسيرات متنوعة ، وهذا ما أثبتته حقيقة أن أشخاصاً متفاوتين مثل : الخميني ، وصدام حسين ، وأنور السادات ، وضياء الحق ، ادعوا جميعاً بتفويضه لحكمهم) !!
§ ولا يشك نيكسون في صعوبة العمل الأمريكي في بلاد المسلمين ، إنه يقول : (وللعمل في العالم الإسلاميّ ، فإن على صناع السياسة الأمريكية المناورة داخل وكر أفعى من سم النـزاعات الأيديولوجية والصراعات الوطنية ، حتى بين الأصوليين فإن الاشتباكات العقائدية والمبدئية جادة وأحياناً عنيفة) .
§ ولكي يقدم آراء عملية تساعد أصحاب القرار الأمريكي في التعامل الأفضل الذي يحقق مصلحة الأمريكيين في العالم الإسلاميّ يقول : (ويجب علينا أن نعترف بأن الحركات السياسية المختلفة في العالم الإسلاميّ تقع في إطار ثلاثة تيارات فكرية أساسية) .
والحديث عن هذه التيارات مكانه القسم الآتي من هذه الدراسة .
! ! ! ! !
نتائج في سطور
أولاً : إنّ موقف الغرب السلبي ، والذي لا مثيل له ، من (الإسلام والمسلمين) ليس سراً، فالخلفية التاريخية والدينية للغربيين تقف وراء افتراء الصورة المشوهة المكروهة ، وهذه الخلفية تقوم على أمرين :
1- التخويف من المسلمين ، وهذا يقتضي رميهم بالهمجية والوحشية !
2- زرع ازدراء المسلمين في القلوب ، وهذا يدفع إلى النيل من عقول المسلمين ووصفهم بنعوت منفرة كالقذارة ! .
وجاء السياسيون الغربيون المعاصرون ليقوموا بدور غير نظيف ، فهم في كلامهم الخطابي يظهرون التسامح ، ويدعون إلى الحوار والتفاهم ، وفي الوقت ذاته يعمدون -بأساليب متنوعة- إلى (تنفير) المواطن الغربي العادي من الإسلام ، ويزرعون في (لا وعيه) كراهية المسلمين !! ونضرب مثالين على ذلك :
1- إنّ البذخ الذي تعيشه أنظمة دول الخليج مخالف للإسلام ، ولا تقبله الفطرة السوية ، وحكام الغرب يعلمون ذلك جيداً ، ومع هذا فإنهم في عالم السياسة يعتبرون حكام الخليج (أصدقاء) لهم ، وحين يسلطون الأضواء على أولئك الحكام -بصرف النظر عن المناسبات- فإن وسائل الغرب تؤكد على انتماء تلك الأنظمة إلى (الملتزمين بتعاليم الإسلام) !! فينشأ لدى الإنسان العادي شعور بالنفور من الإسلام والحقد على أهله .
2- لم يعد خافياً كيف استغل الغرب (المستنقع اللبناني) .. فهو يبرز -على سبيل المثال- ما يقوم به من يصفهم ﺑ (المتطرفين) أو (الإرهابيين) عبر الحدود اللبنانية ضد اليهود ، وما فعلته منظمات لبنانية ﺑ (الرهائن الغربيين) . وينسب ساسة الغرب ما يجري إلى (العرب) أو (المسلمين)... وتركز وسائل الاتصال بأساليبها الماكرة على هذه الأخبار ... وتكون النتيجة : زرع الكراهية ضد المسلمين وضد العرب !! .
ويخفي ساسة الغرب دورهم الآثم في تفجير المنطقة قبل استعمارها المباشر ، وأثناء سيطرتهم العسكرية ، ومن ذلك : فرض (التجزئة) ورسم الحدود ، وبعث النعرات العرقية والانتماءات الطائفية .. وفرض اليهود ، وإقامة دولة لهم ، ودعمهم المستمر على التوسع وفرض السيطرة .. على حساب المهجرين من أبناء الأرض .. واستغلال ثروات المنطقة وفرض التخلف على سكانها .. و.. و.. وقائمة العدوان والآلام كبيرة !! .
لو كان ساسة الغرب صادقين لصارحوا شعوبهم بالمخازي التي قام بها من سبقهم من السياسيين ، والتي يمارسونها هم اليوم في هذا الجزء من بلاد المسلمين .. إنّ الحق والإنصاف والعدل ليقولون : إنّ ظلم الغرب الكبير الكبير ، وعدوانيته المستمرة المسلطة على بلاد المسلمين، هما المسؤولان عن الآلام الكبيرة الخطيرة .. والاضطرابات المدمرة .. التي يكتوي بنارها أهل المنطقة ، وناس أبرياء من أبناء الغرب .
! ! ! ! !
ثانياً : وصف نيكسون معظم الدول ، التي ساهم (المستعمرون الأوروبيون) بدور أساسي في رسم حدودها الحالية ، أنها عبارة عن (تآلفات اصطناعية من عدة دول أو مجموعات عرقية) وأن هذا يجعلها جالسة على (برميل بارود) قابل للإنفجار .
هذه الحقيقة ينبغي أن لا تغيب يوماً عن دعاة الإسلام ، ونضيف إليها حقيقتين سلبيتين أيضاً تسهمان في تعقيد المشكلة :
الأولى : جهل غالبية المسلمين بالإسلام ، وبعدهم عن صبغ حياتهم بتعاليمه .
الثانية : وجود تيار قومي متغرب في مراكز القيادة والتأثير .
فهذه ثلاثة عوامل : (التجزئة العشوائية) و(الجهل بالإسلام) و(التيار القومي المتغرب) تهيء الجو المناسب لأهواء قوى داخلية بالظهور ، ولجشع قوى خارجية بالتدخل .. وفي كلا الحالين يحصل الانفجار .
والمثال الصارخ على ذلك (العراق) ؛ فالنظام الذي حكم العراق منذ استقلاله كان قومياً عربياً وعلمانياً .. وسياسته -في معظم العهود- استفزت قومية (الأكراد) ، والشعور الديني لدى السنة والشيعة . وأسفرت المواجهات الداخلية عن اضطهادات وسفك للدماء .. وأحقاد .. فلما كانت حرب الخليج نتيجة لاحتلال العراق للكويت .. وانتهت بالشكل الذي يعرفه الجميع .. إذا بالعراق يتفجر من داخله .. وهذا الانفجار هيأ ظروفاً ملائمة لتدخلات خارجية ، وخاصة في الشمال وفي الجنوب ، ولو شاءت قوى الشر والجشع الغربية أن تزيد من قوة الانفجار العراقي الداخلي لفعلت .. إلا أن مصالحها تقضي بإيقاف الأمور في حدود ما هي عليه الآن! . لذلك تدخلت للحد من قوة انفجار العراق فقط .
! ! ! ! !
ثالثاً : يؤكد نيكسون أن النمو السكاني الكبير في العالم الإسلاميّ سيقابل بنمو اقتصادي بطيء جداً ، وسيؤدي هذا التفاوت بين النموين إلى بروز مشكلات متعددة . ولكن نيكسون لا يذكر من يقف وراء ضعف نمو اقتصاديات العالم الإسلاميّ الغني بموارده ومواده الخام والطاقة العلمية والشبابية .. إنّ الغرب يريد من العالم الإسلاميّ أن يبقى سوقاً يبيعه ما تنتجه المصانع الغربية .. فإذا استطاع المسلمون بناء اقتصاد قوي فإن هذا يعني (النقص في رفاهية الغربيين) ، وهذا ما لا يمكن قبوله من طرفهم .
أما مشكلة المصادر -كالمياه- فإن الذي يبرز هذه المشكلة هو التجزئة ، والتنافسات، والإسلام قادر على حل هذه المشكلة إذا رجعت الأمة إليه .. ولذلك فإن على الغرب -كما يقترح نيكسون- أن يمنع المسلمين من هذه الرجعة العالمة الواعية إذا أراد أن تكون له السيطرة في قابل الأيام .
! ! ! ! !
العالـم الإسلامـي
(2)
§ يرى نيكسون أن العالم الإسلاميّ تتوزعه ثلاثة تيارات كبرى أساسية ، وهي :
1- الأصولية : ويصف الكاتب الأصوليين ﺑ (العنف السياسي) ويعلل ذلك ﺑ (أنهم مدفوعون بكراهيتهم الشديدة للغرب ، وتصميمهم على استعادة تفوق الحضارة الإسلاميّة)
2- الراديكالية : ويقصد بهم النظم والأحزاب القومية ، وهم (يحكمون عدة دول في العالم الإسلاميّ مثل ليبيا القذافي وصدام حسين العراق) ويرى نيكسون أن هؤلاء (معادون للغرب .. ويتاجرون بمعارضتهم للإمبريالية) .
3- التحديثية : يقول نيكسون : (يسعى التيار السياسي التحديثي أو التجديدي إلى تكامل دول العالم الإسلاميّ مع العالم الحديث اقتصادياً وسياسياً .. وبعض الدول التحديثية مثل تركيا وباكستان هي ديمقراطيات ، وأخرى مثل مصر وإندونيسيا نسبياً مجتمعات مفتوحة ، لكنها لا تصل إلى مستوى الديمقراطيات الغربية) . ويزعم نيكسون أن (صندوق الاقتراع .. هو المصدر المعترف به للحصول على الشرعية السياسية والرسالة الرئيسية للزعماء التحديثيين) !! . وهذا ما يفتقر إليه الأصوليون حسب زعمه إذ يقول (إنّ الأصوليين يمكنهم ملء الشوارع في العالم الإسلاميّ بالمتظاهرين ، لكنهم لا يستطيعون حتى الآن الوصول إلى السلطة من خلال صناديق الاقتراع) !! .
§ وبعد الحديث عن التيارات الكبرى في العالم الإسلاميّ ينبه نيكسون إلى أن هذا العالم قابل للانفجار ، وهذا إذا حصل فإنه يحمل أخطاراً كبيرة ، يقول :
(إنّ الناس في العالم الإسلاميّ مرشحون للثورة . إنّهم صغار وشبان : وما يزيد على 60% تحت الخامسة والعشرين من العمر . إنهم فقراء : معدل دخل الفرد ، بما في ذلك دول الخليج الغنية بالنفط ، هو فقط 1600 دولاراً في العام بالمقارنة مع 21.000 دولاراً في الولايات المتحدة (!!) ، ومعظمهم ليس لهم صوت في حكومتهم ، و27 بالمائة فقط من السكان في العالم الإسلاميّ يعيشون في دول ديمقراطية) !!
هذا الوضع الخطير في العالم الإسلاميّ دفع نيكسون إلى تقديم نصيحته إلى الحكومة الأمريكية ، وهي : (علينا أن ندعم التحديثيين في العالم الإسلاميّ لمصلحتهم ومصلحتنا ، إنهم في حاجة لإعطاء شعوبهم بديلاً إيجابياً لأيدلوجيات الأصوليين المتطرفين والعلمانيين الراديكاليين .. وأثناء رسم طريقنا وخطتنا يجب علينا أن نعرف من هم أصدقاؤنا ومن هم أعداؤنا) وينتقد نيكسون خروج حكومات أمريكية عن الالتزام بمبدأ التمييز بين العدو وبين الصديق ، ويضرب مثالين على ذلك : (مقايضة الأسلحة بالرهائن مع النظام الأصولي المتطرف في إيران ، وبيع أسلحة بالبلايين لحكام العراق الراديكاليين) !! . ويحذر من ارتكاب نفس الخطأ مع سورية وإيران (لنجاحهما في إطلاق سراح بعض الرهائن الغربيين في لبنان) ويعلل تحذيره بقوله : (إنّ الدرس القاسي من تجربتنا مع العراق هو أن صديق اليوم الضمني يمكن أن يصبح عدو الغد اللدود) !!
ويستدرك نيكسون داعياً إلى التعاون مع جميع الاتجاهات الرئيسية في العالم الإسلاميّ ، شريطة أن يتم ذلك وفق القاعدة الآتية : (إنّ مفتاج سياسة الولايات المتحدة إزاء تمييز التعامل يكمن في التكفل بتعاون استراتيجي مع الأنظمة التحديثية فقط ، والحد من علاقتنا مع الأصوليين المتطرفين والأنظمة الراديكالية إلى تعاون تكتيكي)! ويقترح بناء على رؤيته المستقبلية أن تقيم الولايات المتحدة (علاقات شراكة) مع دول تحديثية لها وزن حقيقي في العالم الإسلاميّ ، وأن تدعمها حتى (تصبح رفيعة المنـزلة اقتصادياً وسياسياً ، وأعمدة جذب تحرك المنطقة في اتجاه إيجابي عبر تغيير سلبي) . ويحدد نيكسون أربع دول للقيام بالدور الأساسي في هذه الخطة ، وهي :
1- تركيا : لماذا ؟! ، لأنها :
- (الجسر الجغرافي والثقافي الذي يربط بين العالمين الغربي والإسلامي)
- (تتمتع بحكومة ديمقراطية عاملة منذ تسعة أعوام)
- (قدمت قوات للناتو -حلف شمال الأطلسي- أكبر من أي دولة عضو في الحلف)
- (كونها مخزناً مائياً كبيراً يستطيع أن يسهم في حل مشاكل المنطقة)
2- باكستان : لماذا ؟! ، لأنها :
- (الشريك الرئيسي الاستراتيجي الوحيد للولايات المتحدة لموقعها بين تركيا واليابان)
- (تعاونت مع الولايات المتحدة خلال العقود الأخيرة لدعم المقاومة الأفغانية)!!
- (لدورها في تسهيل التقارب مع الصين في عام 1972م)
ويرد نيكسون على المشككين بصواب التعاون الكبير مع باكستان فيقول : (ورغم أن سياسات إسلام أباد تتعارض أحياناً مع سياستنا -وخاصة فيما يتعلق بانتشار الأسلحة النووية- فإن أي دولة أخرى لم تظهر شجاعة في العمل كدولة خط مواجهة ضد الاتحاد السوفييتي) كما أظهرته باكستان !! ويقترح لتفادي الصراع النووي في المنطقة أن تحث أمريكا (نيودلهي على إنهاء الانتهاكات المتواصلة لحقوق الإنسان على يد قواتها الأمنية في كشمير ، والتفاوض على اتفاقية حكم ذاتي مع زعماء تلك المقاطعة) ويؤكد نيكسون أن الحكومة الحالية المنتخبة ديمقراطياً قد سارت (نحو إصلاحيات السوق الحرة) وينبغي أن تدعم مؤسسات الاستثمار الأمريكية عملية الإصلاح !! .
3- مصر : لماذا ؟! لأنها :
- (تمثل 35 بالمائة من العالم العربي)
- (الدولة العربية الوحيدة التي وقعت معاهدة سلام مع إسرائيل)!!
- كونها -أثناء وبعد حرب الخليج- حققت مكاسب خففت من أزمتها الاقتصادية) .
4- إندونيسيا : لماذا؟! ، لأنها :
- (خامس أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان)
- (بدأت بتحقيق قفزات هامة اقتصادياً ، رغم أنها ما زالت تحكم من نظام سلطوي)!! .
- (تعتبر رائدة إصلاحات السوق الحر في العالم الإسلاميّ)
- (وهي واحدة من أكبر الدول المصدرة للنفط في العالم)
- (لم يحدث أن تخلت أو أعادت جدولة ديونها .. منذ عام 1967م)
ومع تركيز نيكسون على هذه الدول (المحورية) فإنه لم يفته أن يلمح إلى وجوب الاهتمام بدول يصفها ﺑ (أنظمة تجديدية وموالية للغرب) على الرغم من كونها مفتقرة إلى الوزن السياسي الأساسي الضروري للتغيير ، ويضرب على ذلك مثالين :
أ‌- (الملك الحسن : أحد أكثر الحكام المتنورين في العالم الإسلاميّ ، وتبنى سياسات متطورة ومتقدمة في المغرب ، وعمل مع الولايات المتحدة فيما يتعلق بقضايا استراتيجية) !!
ب‌- (الملكية السعودية : أقامت علاقات مهمة مع الغرب ، رغم نظامها السلطوي الداخلي) !!
ولم يفت السياسي المجرب أن يختم نصيحته بلفت نظر صناع القرار الأمريكيين إلى عدد من الشروط التي تسهم في نجاح المخطط ، ومن ذلك :
§ (إنّ سياستنا في الشراكة الاختيارية لن تسفر عن نجاح فوري ، لكن خلال جيل فإن الولايات المتحدة يمكنها أن تتمتع بتأثير عميق على التطور التاريخي للعالم الإسلاميّ) .
§ (إنه لا يتوجب علينا أن نحتوي ونحتضن الدول التحديثية بإحكام ، حتى لا تصبح علاقتنا هدفاً للمعارضين والمنتقدين الداخليين ، ولأن ذكريات الاستعمار ، في كثير من الدول الإسلاميّة ، تجعل من النفوذ الغربي قضية حساسة)
§ (يجب أن نتعامل ونخاطب الزعماء التحديثيين ليس على أساس أنهم خدام لقضاء الأغراض أو سعاة ، بل على أساس شركاء مساويين كاملين) .
§ (علينا أن نقبل كذلك حقيقة أنه أحياناً ليس من مصلحتنا أن يؤيد أصدقاؤنا في العالم الإسلاميّ مواقفنا حول قضايا تعتبر ذات حساسية شديدة في بلادهم) .
ولكن يا ترى ما سبب اهتمام السياسي الأمريكي المخضرم نيكسون بالعالم الإسلامي ؟! يجيب نيكسون على هذا السؤال فيقول : ( إنّ العالم الإسلاميّ يشكل واحداً من أعظم التحديات للسياسة الخارجية للولايات المتحدة في القرن الحادي والعشرين) .
وهذا ما سنفصل الحديث عنه في الجزء القادم
! ! ! ! !
نتائج في سـطور
أولاً : يزعم نيكسون أن الإسلاميّين (يكرهون الغرب) و(يرغبون في استعادة تفوق الحضارة الإسلاميّة) ولذلك يعادون الغرب . ولم يذكر السياسي الممارس الأسباب التي تدفع الإسلاميّين إلى هذا الموقف المعادي ؟ . ولا أظن أن السياسيين الغربيين يجهلون : أن الغرب قد استغل تفوقه في العصر الحديث وقام بضخ فكره وعوامل الضعف في الجسم الإسلاميّ الذي تفتك به الأمراض .. وأن الإسلاميّين يرفضون (الاستلاب الحضاري) و(استغلال ثرواتهم البشرية والمادية) ، فالأمة الإسلاميّة في حالة دفاع عن الذات .. وستبقى في صراع إلى أن تخرج قوات الغرب المباشرة وغير المباشرة أو تخرج من تلقاء نفسها .. فالقضية هي (أن يكون العالم الإسلاميّ أو لا يكون) ولن يكون له وجود حقيقي إلا بالإسلام .. وبدلاً من أن يدعو رجل مثل نيكسون قومه إلى الكفّ عن التدخل في شؤون المسلمين ، وإلى التعامل الكريم على أساس (النِّديَّة) مع العالم الإسلاميّ ، نراه ينصح أصحاب القرار في بلده ، المهيمن اليوم في أنحاء المعمورة ، ينصحهم بدعم (دعاة التغريب في البلاد الإسلاميّة) .. إنّ كلامه يعني الدعوة إلى (تجديد هجمة الغرب على العالم الإسلاميّ) وهذه دعوة لتصعيد المواجهة .. وهي تطرح سؤالاً كبيراً : لماذا يكره ساسة الغرب الإسلام ويعملون على سحق حركة أبنائه ؟! . والعجيب الغريب هو أن نيكسون يعترف بأن الإسلام صنع حضارة راقية يوم ساد في حياة المسلمين .. وأن النهضة الأوروبية الحديثة مدينة لعمالقة الحضارة الإسلاميّة .. ولكنه يتنكر لهذه الحقيقة التي يعترف بها بلسانه وذلك حين يدعو إلى سحق (الفكرة الإسلاميّة) عبر دعم (التحديثيين) !! .
! ! ! ! !
ثانياً : يدعي نيكسون أن الإسلاميّين غير قادرين على الوصول إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع .. بينما يتمتع التحديثيون بجاذبية تدفع الناس إلى انتخابهم .. ولا أود أن أخوض في الرد على هذا الزعم وإنما أكتفي بالإشارة إلى قصة الحرية في الجزائر .. وكيف انقض العساكر في السلطة .. بتأييد غربي .. حين رأوا أن المسلمين قد أعطوا ولاءهم للمشروع الإسلاميّ في مقابل مشاريع التغريب .. إنّ الغرب يحبذ وجود زعماء سياسيين منسلخين من المضمون الإسلاميّ في سدة الحكم .. فإذا لم يستطع هؤلاء ضبط اللعبة السياسية .. فإن الغرب يدعم وجود العسكريين المتغربين في السلطة وهذه اللعبة تكررت في العالم الإسلاميّ .. والعجيب أن نيكسون يذهب إلى اعتبار الملك الحسن الثاني متنوراً على الرغم من السياسة الاستبدادية التي يمارسها! . ويتناقض نيكسون حين يدعو إلى الاعتماد على النظام السعودي الذي نعته ﺑ (النظام السلطوي) !! .
إنّ معايير الساسة الغربيين تختل حين يتعاملون مع العالم الإسلاميّ ، وهذا الاختلال يقف وراءه : حبّ التسلط ، والطمع ، والجشع ، وهذه كفيلة بتأجيج نيران العداوة والبغضاء .
! ! ! ! !
ثالثاً : يرى نيكسون أن العالم الإسلاميّ مهيأ للثورة .. والسبب في ذلك الفقر والحرمان، وكون معظم أبناء المسلمين من الشبان ، ولمعاناتهم من القهر السياسي ، ولا يذكر لنا الأسباب التي أدت إلى إفقار الناس في العالم الإسلامي .. أو الأسباب التي فرضت القمع والاستبداد السياسي .. ولكن دعوته إلى التعاون مع الدول المحورية الأربعة ، وإلى الاهتمام بالدول من الدرجة الأقل أهمية المتعاطفة مع الغرب تكفي لإدانة الغرب بأنه هو الذي يقف -بما يملك من إمكانات- في وجه إعادة بناء العالم الإسلاميّ . وهذا من أهم أسباب الخصومة والعداء والمواجهة الساخنة بين الفكرة الغربية وبين الفكرة الإسلاميّة .
! ! ! ! !
العالـم الإسلامـي
(3)
§ أكد نيكسون أن العالم الإسلاميّ يشكل أكبر التحديات للسياسة الخارجية الأمريكية في القرن الحادي والعشرين ، وبين الأسباب بقوله : (إنّ الصراعات المجمدة طيلة 45 سنة -بسبب الحرب الباردة- بدأت بالذوبان) ويرى أن في العالم الإسلاميّ (قضيتين مهمتين .. الخليج الفارسي ، والنـزاع العربي-الإسرائيلي) ويجب على أمريكا أن تفعل شيئاً حيالهما .
أولاً : أمن الخليج
§ يشير نيكسون إلى أن (حرب الخليج قد هيأت الجو لعشرات من الوصفات الأمنية بالنسبة للخليج) ويحذر من (التعقيدات السياسية الموروثة للعالم الإسلاميّ) والتي (ستعطل على الأرجح الحلول الشاملة) . ثم يقول : (إنّ سياستنا يجب أن تجتنب ثلاثة أوهام قاتلة) .
1- (وهم الإطار الأمني الشامل) معللاً رأيه بأن (صحارى الشرق الأوسط تعجّ بهياكل الترتيبات الأمنية الفاشلة) .
2- (وهم الحدّ من الأسلحة التقليدية) ويذكر أربعة أسباب تدعم رأيه :
أ- حاجة الدول الصديقة إلى تعزيز دفاعها .
ب- التهديدات التي تواجه معظم دول الشرق الأوسط .
ت- الدوافع الاقتصادية التي ستدفع الدول المصدرة للسلاح إلى انتهاك الحدود
المتفق عليها .
د- ثم إنّ الحظر الخارجي قد يدفع دول المنطقة إلى تطوير أسلحة الدمار الشامل .
§ ويقترح نيكسون على أمريكا (أن تنتهج سياسة تمييزية إزاء الحد من الأسلحة) داعياً إلى دعم (قوى دفاعية مثل إسرائيل !! والسعودية) بغرض تعزيز الأمن الإقليمي !! . وبعد أن يشكك في إمكانية منع انتشار تكنولوجيا الأسلحة على المدى البعيد يقول : (إنّ الحفاظ على توازن القوة العسكرية يبقى الصيغة الأمثل لأمن الشرق الأوسط) !! .
3- (وهم إعادة توزيع الثروة الإقليمية) وينتقد نيكسون رجال السياسة الغربيين الذين روجوا لهذا الرأي ، الذي تلقفه (مجلس التعاون الخليجي ، واعتمد إنشاء صندوق تنمية إقليمي من 10 بلايين دولار) ويطعن نيكسون في هذا الرأي من زاويتين :
الأولى : إنّ مثل هذه الجهود في الماضي كان هدفها (التعضيد السياسي وليس التنمية الاقتصادية) !!
الثانية : (إنّ مشكلة الغنى والفقر في العالم العربي ليست عائدة إلى توزيع عائدات النفط بقدر ما تتعلق بمشكلة الفقر بشكل عام في المنطقة) ، ويعقد للتدليل على صحة رأيه مقارنة فيقول : (لو تمّ إعادة توزيع عائدات النفط بصورة متساوية بين العرب ، فإن دخل الفرد في المنطقة سيصل إلى 2.300 دولاراً بالمقارنة مع 20 ألف دولاراً في أوروبا الغربية) ويستنتج (إنّ الإجابة على مشكلة فقر الشرق الأوسط يكمن في تطوير اقتصاد السوق الحر) .
وبعد ذلك كله يخلص نيكسون إلى القول : (ليس هناك حلّ سحريّ لمشاكل الأمن في الخليج الفارسي) ونظراً لكون (دول الخليج تمتلك 65 بالمائة من احتياطي نفط العالم .. فليس لدينا خيار سوى أن نبقى فاعلين في المنطقة) .
§ ويذكر نيكسون ما قام به هو نفسه ، ثم كارتر من بعده ، من أجل أمن الخليج ، ثم يقول : (وتابع الرئيس ريجان التعاون ، ولكن بدون ضجة ، في الخليج لإقامة البنية المطلوبة لدعم تدخل أمريكي رئيسي للدفاع عن السعودية وجنوب الخليج ، وبدون هذه التسهيلات ما كانت عملية درع الصحراء أو عاصفة الصحراء لأن تصلح عملية نموذجية فريدة) !! ، والنتيجة عند نيكسون (إنّ مفتاح أمن الخليج يكمن في علاقات عسكرية ثنائية أمريكية قوية ومتينة) ولذلك يرفض بقوة رأيين :
1- (فرض علاقات أمنية) في الخليج .
2- (إقامة مقرات جديدة للقيادة المركزية -قوات الانتشار السريع- في إحدى دول الخليج) .
لماذا يرفض نيكسون هذين الرأيين ؟ يجيب هو فيقول : (إنّ الاحتفاظ بوجود كبير سيضر بأهدافنا ، وسيصيب بالضرر أصدقاءنا ومصالحنا إذا ظهر أنا نعامل الخليج كأنه محمية لنا . إنّ وجودنا ، وليس التهديد الذي يشكله أعداؤنا ، سيصبح القضية الرئيسية لأصدقائنا) .
فما الحل لتحقيق الأمن في الخليج ؟ يقترح نيكسون أمرين :
الأول : تحريك دول .. مثل مصر .. للقيام بدور أمني .
الثاني : تخزين معدات وإمدادات .. بصورة غير رسمية .. تحسباً لتدخل محتمل في المستقبل !!.
! ! ! ! !
ثانياً : النـزاع العربي-الإسرائيلي
§ ينتقل نيكسون بعد حديثه عن أمن الخليج إلى قضية هامة لها علاقة بالموضوع فيقول بكل صراحة : (إنّ مصلحتينا الضروريتين في الشرق الأوسط .. النفط وإسرائيل .. لا تسيران دائماً على وئام) ، ويعترف بأن التوفيق بين ضمان (بقاء إسرائيل) وبين ضمان (أمن الخليج) صعب جداً بسبب (النـزاع العربي-الإسرائيلي) ، ويرى أن (الطريقة الوحيدة في تعديل الدائرة هي المضي قدماً وبهمة ونشاط في عملية السلام بين العرب وإسرائيل) .
ولكن على أي أساس ينبغي أن تتحرك أمريكا ؟
يقول نيكسون : ( إنّ قراري مجلس الأمن الدولي 242 و238 لم يطالبا بتنازلات من جانب واحد ، ولكن بمقايضة ثنائية : الأرض مقابل السلام) !!
ويذكر نيكسون ثلاثة أسباب لتسويغ هذه السياسة ، مبيناً : (إنّ النـزاع العربي الإسرائيلي ...
1- يشوه تماماً ميزانيتنا للمساعدات الخارجية ..
2- ويسمم علاقتنا مع العالم الإسلاميّ ، ويقلل من قدرتنا على التعاون مع دول يحكمها تحديثيون وزعماء موالون للغرب ..
3- ويشكل خطراً على الولايات المتحدة في حرب تستخدم فيها الأسلحة النووية) .
§ ويحذر نيكسون (إسرائيل) من فكرة الاحتفاظ بالأراضي العربية التي احتلتها عام 1967م، وينقل عن (بن جوريون) قوله : (إنّ المتطرفين الذين يتبنون استيعاب أراض عربية سيجردون إسرائيل من قضيتها ومهمتها ، وإذا نجحوا فإن إسرائيل لن تكون لا يهودية ولا ديمقراطية . إنّ العرب سيفوقوننا عدداً ، وهم غير ديمقراطيين ، وسيتطلب الأمر إجراءات قمعية لإبقائهم تحت السيطرة) وينصح حكام (إسرائيل) ﺑ (اقتناص أحسن صفقة خلال 45 سنة من وجود إسرائيل كدولة) !!
§ ويقترح نيكسون أربعة أهداف للتسوية السلمية بوساطة أمريكية :
1- اعتراف دبلوماسي كامل ﺑ (إسرائيل) .
2- حدود آمنة (لإسرائيل) .
3- إعادة أراضٍ للدول العربية .
4- حكومة ذاتية للفلسطينيين .
ويبدي السياسي الأمريكي تفهماً للمطالب اليهودية الأمنية ، وخاصة في مواجهة : (غزو كامل من قبل قوات تقليدية) أو( ضربات على نطاق ضيق على يد وحدات فدائية وإرهابية) ، وينصح أمريكا ﺑ (ابتكار إجراءات إضافية لضمان أن فقدان الأرض لن يعني خسارة الأمن بالنسبة إلى إسرائيل) . ويقترح لمواجهة التهديد بحرب تقليدية :
1- أن تكون مرتفعات الجولان السورية والضفة الغربية (مناطق صد) مجردة من القوات العسكرية .
2- يجب أن نصر :
أ- (على تحجيم القوات العربيّة المتمركزة على طول خطوط وقف النار الحالية)!! .
ب- (على محطات استطلاع دولية أو أمريكية إسرائيلية مع الجامعة العربيّة) !!
ت- (وعلى محطات إنذار مبكر لإحباط أية خطط للاستيلاء على منطقة الصد من خلال هجوم مفاجيء)!! .
ويعترف السياسي المجرب بأن (مجابهة التهديد الفدائي والإرهاب) لن تكون سهلة ، ولكنه يأمل أن تتكرر التجربة الأردنية في ضبط تسلل الفدائيين !! .
ويصر نيكسون على أمرين :
الأول : تحقيق الحكم الذاتي للفلسطينيين بشرط أن يرتبط بالأردن ، وينصح بالتفاوض مع منظمة التحرير !! .
الثاني : تعويض الفلسطينيين المهاجرين لأنهم لن يعودوا إلى منازلهم ، وتعويض المستوطنين اليهود لأنهم سيتركون مستوطناتهم في الأراضي المحتلة !!
ولكن من يدفع التعويضات ؟! . يقول : (علينا أن نقنع السعوديين ، ودول الخليج ، وكذلك اليابان ، لتوفير المال الذي سيسهل من لسعة هذه التنازلات) !!
! ! ! ! !
القدس مشكلة المشكلات
§ يقول نيكسون : (أما السيطرة على شرق القدس -وهي قضية عصيبة لكلا الجانبين- فإنها لن تسوى بسهولة) فما الحل ؟ (إنّ على إسرائيل (فتكنة) ، مثل الفاتيكان ، الأماكن الإسلاميّة والمسيحية ، لكن تقسيم المدينة على أساس خطوط ما قبل 67 قد أصبح غير قابل للتفاوض) !!
! ! ! ! !
§ ويدندن الرئيس الأمريكي الأسبق حول دور أمريكا في المباحثات (السلمية) مشيراً إلى ضرورة البعد عن طرح خطة سلام شاملة ، وإلى مساعدة الأطراف في التوصل إلى اتفاق ، وإلى ممارسة شيء من الضغط عند الضرورة ، وينصح صناع السياسة الأمريكية بخمسة أحكام أساسية :
1- التاكيد على الجوهر والمضمون : فأطراف النـزاع يفهمون جيداً ماذا يريدون .
2- التوصل إلى التسوية على مراحل ، وليس من خلال اتفاقية شاملة .
3- المحافظة على السرية التامة في المفاوضات .
4- إجراء المباحثات على أعلى المستويات .
5- وهناك حقيقة هامة في العلاقات الدولية ، هي : (إنّ اتفاقية يمكن أن تغير سلوك دول، وليس مواقف الشعوب) ، لذلك يجب أن تتضمن الترتيبات الأمنية إجراءات صارمة رادعة .
! ! ! ! !
نتائج في سـطور
أولاً : لم يعد خافياً أن منطقة الخليج تشكل شرياناً رئيسياً يمد الدول الصناعية بالطاقة .. وأن أمريكا تحرص على فرض سيطرتها القوية في المنطقة لكي تضمن سعراً مناسباً للنفط ، حتى لا يؤثر ارتفاع سعره على رفاهية الغرب !! ، وهناك هدف آخر هو الإمساك بخناق الدول المنافسة مثل اليابان وألمانيا لكي تحد من قدرتها التنافسية .
وهذان الدافعان يشكلان عدواناً صارخاً على إرادة ومستقبل الدول المصدرة للنفط ، والتي يعاني معظمها من أزمات اقتصادية حادة بسبب انخفاض عائدات النفط ، مثل الجزائر ونيجيريا .. وهذا العدوان الغربي يتكرر مع الدول المالكة للمواد الأولية التي تحتاجها مصانع الغرب .. وتكون النتيجة : إفقار الشعوب من أجل رفاهية الغرب !! وهذه السياسة العدوانية ستقوض الاقتصاد القائم وستفرض صراعاً مريراً بين الشعوب .
أما الدافع الثاني ، فإنه سيدفع الدول المتطلعة إلى دور عالمي مؤثر كاليابان وألمانيا إلى العمل على فك الحصار الأمريكي .. وهذا يعني أن بلادنا ستكون مسرحاً رئيسياً للصراع بين القوة المهيمنة (أمريكا) وبين القوى المنافسة المصممة على تحجيم الدور الأمريكي العالمي .
ثانياً : يدرك الساسة الأمريكيون أن الوجود الغربي المباشر فوق الأرض الإسلاميّة (عامل) إثارة للشعوب الإسلاميّة يدفعهم إلى رفضه ومقاومته .. ولذلك فإن عبقريتهم تبحث عن (ترتيبات) ، تتيح لهم سيطرة محكمة وتجنبهم غضب الشعوب . مثل (تخزين معدات .. وبناء قواعد تساعد على التدخل السريع عند الحاجة ..) وهم يؤكدون على (سرية العمل) ، وعلى بعده عن الاتفاقات الرسمية ..
ولا يخفى أن مثل هذه الترتيبات لا يمكن أن تتم في ظل حكومات تختارها الشعوب .. ولو كانت شعوبنا تملك إرادتها وتمارس حقوقها لما أمكن أن تتدخل القوى الجشعة في إرادتنا وأرضنا ، وفي أذواقنا وسائر شعب حياتنا !! . لذلك تبارك دول الغرب (الأنظمة الاستبدادية الملكية والجمهورية) ، وتفضل أن تعطي الأنظمة في العالم الإسلامي (هامشاً من الحرية) ، وتخشى من اختيار الشعوب الحر ، ومن الجماعات المعبرة عن ضمير الأمة الإسلاميّة .. إنّ هذا الوضع المخزي يفرض على حملة رسالة الإسلام واجبات جساماً ، لأنهم هم الأمل المرتقب في قيادة خطى المسلمين نحو فجر الحرية والكرامة والقوة .
ثالثاً : أخذت الحكومة الأمريكية بنصائح السياسيين ، من أمثال نيكسون ، الداعية إلى (معاهدات أمنية ثنائية) والرافضة لفكرة (ترتيبات أمنية شاملة) ، فعقدت عدة معاهدات للدفاع المشترك !! مع عدد من دول الخليج .. والذين لم تعقد معهم علانية تعمل في بلادهم بصمت .. وهذا يدل على الرغبة في أن تكون جميع خيوط اللعبة في اليد الأمريكية .. والعجيب الغريب هو أن سكان معظم منطقة الخليج لم يحركوا ساكناً وهم يقرؤون (صكوك التبعية) توقع بالنيابة عنهم !! .
رابعاً : وآراء نيكسون بخصوص (فلسطين) نراها ونلمسها في سلوك الحكومة الأمريكية منذ أعلنت عن رعايتها ﻟ (مباحثات السلام) !! . فالجانب العربيّ ذليل مستسلم !! والعدو اليهودي عزيز مستأسد !! ، والمستنقع العربيّ يضعف المناعة ويعرض الأمة لألوان من الأوبئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية .. إلخ .
ومع ذلك .. فإن شياطين الإنس يدركون تماماً أن أنظمة الحكم العربيّة مقطوعة الصلة بالجماهير التي لا تستطيع أن تقول شيئاً في هذا الشأن أو في غيره .. ولذلك يحذرون من المستقبل ويريدون ضمانات تضمن لهم تغيير موقف الشعوب .. وهذه الحقيقة نلمسها نحن بأيدينا .. ألم يوقع نظام الحكم المصري ما سموه (معاهدة سلام) مع مغتصبي فلسطين ؟ ألم يفتح النظام في مصر أبواب التطبيع على مصاريعها ؟ فماذا كانت النتيجة ؟ .. لقد عبر الشعب الأبي في مصر عن رفضه لوجود اليهود في فلسطين .. وقام بأعمال تدل على أنه رافض رغم القيود الثقيلة التي تكبله .. وهذا من مباعث الأمل بالمستقبل .. فلا تخشوا يا معشر المسلمين .. واعملوا .. ثم اعملوا .. ثم اعملوا .. وثقوا أن الله لن يضيع أعمالكم .
! ! ! ! !
العالـم الإسلامـي
(4)
§ يختم الرئيس الأمريكي الأسبق نيكسون فصل (العالم الإسلامي) بكلام يمتزج فيه الحق بالباطل .. ويبدأ كلامه بنصيحة يقدمها إلى الساسة الأمريكيين الذين يتعاملون مع البلاد الإسلاميّة ، ذاكراً الأسباب التي تدعوه إلى ذلك ، فيقول : (علينا أن نبدأ بالاحترام والتفهم لشعوب يشعرون بأنه قد أسيء فهمهم ، وعانوا من عنت التمييز ضدهم ، وتم استغلالهم من قبل القوى الغربية) .
§ وحذر نيكسون قومه من محاولة فرض القيم الغربية في بلاد المسلمين قائلاً : (ويجب ألا نحاول فرض قيمنا عليهم) ويعلل ذلك بقوله : (ورغم أن العالم الإسلامي متأخر عن الغرب في التطور السياسي -دولتان مسلمتان فقط تتمتعان بحكومات ديمقراطية- فإن حضارتنا ليست متفوقة على حضارتهم الموروثة) ويضيف سبباً جديراً بالاعتبار .. فيقول : (إنّ شعوب العالم الإسلامي كانوا أكثر مقاومة لجاذبية الشيوعية من مقاومة أولئك في الغرب) ولا يخفي أن مقاومة المد الشيوعي ، يرجع الفضل في جزء منها إلى (ثقافة الغرب الأخلاقية المسموح بها) في بلاد المسلمين!! .
§ ثم يذكِّر نيكسون قومه بالتفوق الإسلامي الذي دام -حسب زعمه- خمسة قرون ، ويعدد جوانب هامة من هذا التفوق : (وطيلة خمسة قرون -من 700 إلى 1200- فإن العالم الإسلامي تقدم وتفوق على العالم المسيحي فيما يتعلق بالقوة الجيوبوليتيكية ، ومستوى المعيشة ، والتحمل الديني ، وتقدم القوانين ، ومستوى تعلم الفلسفة ، والعلوم ، والثقافة) ويشير بعد ذلك إلى أن اتجاه الريح قد تغير قائلاً : (لكن عقوداً من الحرب قلبت الطاولات) .
§ ثم يتعرض نيكسون إلى ما استفاده الغرب من الحروب الصليبية التي أنهكت العالم الإسلامي ، وجعلته يتهاوى تحت ضربات المغول : (وكما قال ديورانت إنّ الغرب خسر الحروب الصليبية ، لكنه ربح حرب العقائد . وتم طرد كل محارب مسيحي من أرض اليهودية والمسيحية المقدسة (!!) لكن الإسلام -الذي استنـزف نتيجة انتصاره المتأخر ، ودُمِّر وخُرِّب على يد المغول- دخل بالمقابل في عصر من ظلام الغموض والفقر) ويرجع نيكسون الفضل في النهضة الأوروبية إلى ما أخذته شعوب أوروبا نتيجة احتكاكها بالشرق الإسلامي من خلال الحروب الصليبية فيقول : (بينما المهزوم ، مدفوعاً بالجهد ونسيان الهزيمة ، تعلم كثيراً من عدوه، ورفع الكاتدرائيات في السماء ، وعبر بحور العقل ، وحول لغاته الجديدة إلى لغة دانتي وفيلون ، وتحرك بروح معنوية عالية إلى النهضة) . ويصل المؤلف من الإشارات السابقة إلى النتيجة الآتية : (ومثلما ساعدت المعرفة من الشرق في تحريك عصر النهضة في الغرب ، فإن الوقت قد حان بالنسبة للغرب للإسهام في نهضة العالم الإسلامي) . ويقترح السياسي الخبير- في آخر الفصل- حلاً على النحو الآتي :
§ (إذا تعاملنا مع الدول التحديثية في العالم الإسلامي كشركاء كاملين ومساوين .
§ وإذا سعينا إلى حل القضايا الأمنية الصعبة التي تعصف بالشرق الأوسط ، فإنه سيمكننا من وضع الأساس لمثل هذا الميلاد الجديد .
§ وإذا عملنا معاً ودمجنا الأفضل من حضارتينا ، فإن الفترة القادمة من تاريخنا ستكون واحدة من التعاون البناء وليس النـزاع المدمر) .
! ! ! ! !
نتائج في سـطور
أولاً : يرى نيكسون أن هناك سبباً رئيسياً يدعو العالم الإسلامي إلى اتخاذ موقف معاد للغرب ، وللفكرة الغربية .. إنه الشعور العميق لدى الشعوب الإسلاميّة بأن الغرب أذلهم واحتقرهم ، ومزقهم ، ونهب ثرواتهم ، وما يزال مستمراً في طبيعته النهبية ، وأن هذا الغرب قد ركز في أدبياته السياسية والدينية والأدبية وغيرها على التهوين من شأن المسلمين إلى أن آلت صورة المسلمين ، في نظر الرجل الغربي ، إلى ما قاله نيكسون في مطلع هذا الفصل : (يميل كثير من الأمريكيين إلى وصف المسلمين بأنهم غير متحضرين ؛ لا يغتسلون ، بربريون ، همجيون ، وغير عقلاء ، يجذبون اهتمامنا فقط لأن بعض قادتهم لديهم ثروة كبيرة تحكم منطقة تحوي ما يزيد على ثلثي احتياطي النفط) !! .
وحين يطالب رجل سياسي خبير الساسة الأمريكيين بأن يعاملوا المسلمين باحترام .. فإنه يقدم بذلك الدليل على أن مراكز القرار في الغرب تعامل الساسة الحاكمين في البلاد الإسلاميّة معاملة السيد المتعجرف المغرور للعبد الضعيف الذليل !! .
وهذا الموقف النفسي من المسلمين لن يتغير ما دام الغرب مصراً على تهشيم الهوية الإسلاميّة في قلوب المسلمين ، وما دام هذا الغرب يكيد لنهضة المسلمين ألوان الكيد الظاهر والخفي ، ويرفض أن يعاملهم معاملة الند للند .
وفي يقيننا أن الساسة الغربيين لن يغيروا مواقفهم إلا إذا فرض المسلمون عليهم ذلك فرضاً .. وهذا لن يتم إلا من خلال تحرير عقول وقلوب المسلمين من (الفكرة الغربية) .. وإلا إذا نهض المسلمون بواجباتهم الجسام التي ترفعهم يوماً بعد يوم إلى المكانة التي يحاورون فيها الغرب باقتدار .. وأول خطوات هذا الطريق الطويل هي أن يعود الحكام في البلاد العربيّة إلى شعوبهم .. يفكون عنهم أغلال المخاوف والمطامع .. ويطلقون حرياتهم الحبيسة .. ويضعون أسساً كريمة للتعاون بين الحاكم والمحكوم على صياغة المستقبل الكريم .
ثانياً : وقول نيكسون (ويجب ألا نحاول فرض قيمنا عليهم) يحمل في طياته الدعوة إلى الاستمرار في ضخ (الفكرة الغربية) في حياة المسلمين .. ولكنه يحذر من (فرض) القيم الغربية بالقوة .. لئلا يثير ذلك حفيظة التحدي عن المسلمين .. وهذا دهاء ومكر .. فالرجل ينطلق من حق الأمريكيين في نشر قيمهم بين المسلمين .. ولذلك يدعو في أكثر من موضع في كتابه ، إلى دعم (التحديثيين) ويقصد بهم (المتغربين) في مواجهة (الأصوليين الإسلاميّين) و(الراديكاليين القوميين) !!.
وهذه القضية ينبغي أن تبقى حاضرة باستمرار في عقول وقلوب المسلمين .. وقد عبر عنها القرآن أحسن تعبير : ) وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ... ( [البقرة : 120] . ولقد علمنا تاريخنا المعاصر مع الأمم الغربية أن ساسة الغرب (سبعيون) في تعاملهم مع الشعوب المستضعفة .. على الرغم من ابتساماتهم الرقيقة ..
إذا رأيت نيوب الليـث بارزة
فلا تظنن أن الليـث يبتسـمُ
وكثير من ساسة الغرب يحملون في قلوبهم كراهية للإسلام وكيداً عظيماً .. على الرغم من لين كلامهم ولطف ملمسهم ..
إنّ الأفاعي وإنْ لانتْ ملامسُـها
عند التقلُّـبِ في أنيابها العطـبُ
ونحن لا ندعو بكلامنا هذا إلى .. الحقد والكراهية والعدوان .. ولكننا نحذر قومنا من الهجمة الغربية التي تريد طمس هويتنا الإسلاميّة ، وتصر على إبقائنا بقرة حلوباً .. وندعو أهلنا إلى تلمس طريق العزة والكرامة والتحرر من القهر الخارجي .. لأننا أمة أعزها الله بالإسلام .. ومهما ابتغينا العزة بغيره فإن الذل نصيبنا .
ثالثاً : صحيح أن نيكسون يعترف بتفوق الحضارة الإسلاميّة في الماضي ، وبفضلها الكبير على الغرب .. ولكنه في الوقت نفسه يرى أن في الإسلام عناصر يجوز لها أن تبقى وأن يعمل بها المسلمون .. وأن هناك عناصر أخرى ينبغي التخلي عنها .. ونلمس هذا من دعوته إلى تعاون وثيق بين أمريكا والدول التحديثية .. أي التي لا تقف على أرض الإسلام ، ولا تنطلق من انتمائها للتراث الحضاري الإسلامي .. ونلمسه أيضاً من دعوته إلى دمج الأفضل من الحضارتين: الإسلاميّة والغربية .
فماذا يعني هذا الموقف ؟
إنه يعني : الدعوة إلى منع المسلمين من الرجوع الخالص إلى هويتهم الإسلاميّة .. وإلى دعم الاتجاه التغريبي في صفوف المسلمين .. لئلا تنشأ قوة مستقلة متميزة تشعر بقساوة قيود الحرير كما تشعر بقساوة قيود الحديد .
وهذا الموقف يعبر عن حقيقة الساسة في الغرب .. ولذلك نراهم مندفعين إلى تشويه صورة (الإسلاميّين) ، كما نراهم يؤيدون ويدعمون الأنظمة الاستبدادية التي تناويء الإسلاميّين العداء .. فالساسة الغربيون على أتم استعداد لأن يدوسوا بأقدامهم كل القيم التي يفخرون بها ، ويعدونها من منجزات حضارتهم ، إذا كان الأمر يتعلق بمصالحهم .. والانتماء الإسلامي الخالص يرونه تهديداً لجشعهم واستغلالهم .
إنّ هذه النفسية العدوانية النهيبة الانتهازية .. تتكشف على امتداد الأرض يوماً بعد يوم .. وهي من أهم أسباب تأجيج العداوات بين الشعوب .. وينبغي أن يدرك المسلمون ذلك ، وأن يتعاملوا مع أصحابها بحكمة تحررهم من براثن الهيمنة الغربية الأمريكية .. وتطلقهم على طريق البناء الحضاري المحقق لمضمون رسالة الإسلام العظيم :
) وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ( [الأنبياء : 107] .
خاتـمـة
إنّ تعريفنا بكتاب (انتهزوا .. الفرصة!) ، وعرضنا المركَّز للأفكار التي وردت في أخطر فصلين منه .. يضعنا أمام عدد من الملاحظات :
1- إنّ كون العالم غير مستقر على حالة واحدة .. لأن الناس في حركة مستمرة .. يدفعنا معشر المسلمين إلى الأمل بقدرة أمتنا على الخروج مما فيه من ذلة ومهانة .. وإنّ واجب الروّاد الإسلاميّين أن يحاربوا اليأس والإحباط في القلوب .. وأن يبينوا للمسلمين :
) وَلا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ...( [يوسف: 87] .
2- إنّ مشكلات العالم متعددة .. وقواه متنافرة متناقضة .. وإنّ توازن القوى ليس من طبيعته الاستمرار .. وهذا يفرض على المسلمين أن يفقهوا كيف يتعاملون مع القوى الفاعلة بجدارة تحقق أهدافهم وتنأى بهم عن الاحتواء والتبعية .. وهذه (الأهلية) لا تولد عن طريق الأحلام وبمجرد التمني والرغبة .. فالحصول عليها يحتاج إلى جهود مضنية قادرة على التحرك السليم ؛ منضبطة بفهم عميق لنصوص الوحيين ، القرآن والسنة ، وبإدراك دقيق لواقع المسلمين في ظروف العالم والعصر .
3- إنّ العالم الإسلامي .. على الرغم من مشكلات التقسيم والاحتراب والتخلف .. يملك رسالة بانية عزيزة .. وإنساناً لديه قدرات مبدعة إذا فُكَّتْ أغلاله وتوقفت عمليات مسخه وتشويهه .. وثروات هائلة متنوعة كامنة في الأرض ..
هذه المواصفات هي التي ترعب ساسة الغرب الجشعين ، وفي مقدمتهم الساسة الأمريكيون ، الذين نراهم مندفعين بقوة وقسوة إلى محاصرة بوادر الصحوة الإسلاميّة .. وإلى العمل على القضاء عليها .
وإنّ واجب الحركات الإسلاميّة والدعاة المخلصين .. ينبغي أن ينصب على توفير شروط التفاعل الإيجابي بين (الرسالة) و(الإنسان) و(الإمكانات) حتى تحصل أمتنا على بركات الإسلام العظيم .. تحقيقاً لوعد ربنا الكريم الجليل :
) وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ( [النور: 55].

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

موقف اهل التأويل وقانوني الحق والميزان

    بسم الله الرحمن الرحيم خلاصة قانون الحق = أن الله خلق السماوات والارض وما فيهم وما بينهم وما لأجلهم بقدر قام في وقت محدد وزمن مع...